شرفت بالعمل بوزارة الثقافة فى عهد الوزير الفنان فاروق حسنى الذى جلس فى موقعه لمدة تزيد على العشرين عاما ترك من خلالها بصمات واضحة من الصعب أن تنسى، ومن خلال عملى بالوزارة كنت أتردد على مكتبه من حين لآخر لعرض بعض الأفكار والمشاريع عليه بصفته المايسترو الذى يقود أوركسترا الثقافة المصرية وللحق لم يغلق بابه يوما فى وجه أحد من العاملين بوزارته وكان حريصا على سماع المقترحات والأفكار كافة من الجميع وبصدر رحب وبابتسامة إن دلت فتدل على تواضع الرجل الشديد.
وذات يوم وتحديدا عندما شرعنا بقصر السينما فى عمل المهرجان الأول للفيلم القصير ذهبت إليه لأعرض عليه البرنامج والبوستر الخاص بالمهرجان، وأثناء ذهابى بالسيارة إلى مقر الوزارة بالزمالك سمعت نشرة الأخبار بالراديو وكان الخبر الأبرز هو خبر الحكم على الكاتب إبراهيم عيسى بالسجن لإساءاته للرئيس حسنى مبارك من خلال مقال له بجريدة الدستور، وصلت فى موعدى ودخلت مكتب الوزير وأثناء مصافحتى لسيادته شعرت أنه متوتر للغاية وقبل أن أبدأ فى عرض الأشياء عليه رن جرس التليفون الأخضر الكائن إلى جواره «هذا التليفون يتبع شبكة صغيرة للغاية خاصة برئاسة الجمهورية وتضم كبار رجال الدولة وهى وسيلة مباشرة بين الرئيس ومن يريد الوصول إليه مباشرة ويطلق عليها الـbbx أو الرباعى»، أشار لى الوزير بالصمت ورد على الهاتف فى أقل من ثانية: صباح الخير يا سيادة الريس!! نهضت وابتعدت قليلا حتى أترك الوزير يتحدث براحته ولكن غرفة المكتب لم تكن بالوسع الذى يجعلنى لا أستمع للمكالمة لذا سمعت الآتى: أنا شايف يا ريس إن طالما القضية تتعلق بشخص سيادتك يبقى لازم تصدر عفو رئاسى عنه.. فى النهاية هو واحد من ولاد سيادتك حتى لو كان غلط.
أدركت فى ثانية أن المقصود هو إبراهيم عيسى فنظرت للوزير الذى كان يستمع إلى الطرف الآخر من المكالمة ولم أستطع قراءة وجهه تماماً لأتعرف على ما يستمع إليه لحظتها، المكالمة انتهت وأشار لى الوزير أن أقترب مرة أخرى فاقتربت وجلست وقبل أن أفتح فمى بادرنى الوزير بتحذير مهذب ملخصه ألا أفتح هذا الموضوع مطلقا حتى مع نفسى! مرت الجلسة وأثناء عودتى إلى مكتبى من الزمالك إلى جاردن سيتى سمعت خبر العفو الرئاسى عن إبراهيم عيسى بنشرة الأخبار.. لقد وفيت بعهدى للوزير ولم أرو هذه الحكاية لأحد قط ولكن ما دفعنى لكتابتها الآن هو محاولات البعض سرقة الموقف والظهور فى دور البطولة الزائفة حيث قرأت مؤخراً تصريحات لرئيس تحرير معارض وعضو مجلس شعب جديد ينسب لنفسه الفضل فى العفو الرئاسى عن عيسى!!
مشاركة
اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
مشاركة
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة