يقول المفكر الإسلامى محمد أركون، إن ظاهرة التدين الشكلى تجعل كثيرا من الناس فى العالم العربى والإسلامى يتجاهل التفكير العلمى لصالح استبداد الشكل وقدسية رجل الدين، رغم أن الإسلام هو الدين الوحيد الذى قرب النص من البشر ولم يجعل قدسية لرجل الدين الوحيد، ووضع الجوهر قبل المظهر أو السلوك الإنسانى قبل الطقوس. أقول هذا بمناسبة حادثتين تناولتهما وسائل الإعلام خلال الأيام الماضية تؤكدان أننا ماضون لغياهب سلوك المتعصبين الجدد سواء كانوا من غلاة السلفيين أو تجار السياسة من الإخوان.
الحادثة الأولى هى أن أحد السلفيين رفع دعوى قضائية ضد نادى وادى دجلة لأنه رفض قبول عضويته تحت دعوى أن زوجته ترتدى النقاب وأن هذا- حسب كلام الأخ زوج المنتقبة- ضد الدستور ويعتبر نوعاً من التمييز ضد المواطنين ولم يكتف بالدعوى أو الكلام للصحف، بل ذهب لمديرية الشباب والرياضة وأخذ تصريحاً من المسؤول هناك بأن النادى مخالف وعليه- إجباراً- أن يقبل عضوية المنتقبة، وطبعا هذا كلام ينتمى إلى ثرثرة المجالس بعيدا عن القانون وعن أسباب وجود النوادى من أساسه.. وأنا شخصياً وأسرتى وأسر كثير من أصدقائى نتشرف بعضوية نادى وادى دجلة وأحد أهم الأسباب إن لم يكن أولها لعضويتنا فى النادى هو منع دخول النقاب أو الجلباب أو الأطعمة المنزلية مع وجود كل أنواع الرياضات للرجال والإناث معاً، ووجود إدارة أجنبية تطبق معايير الجودة على كل أنشطة النادى، ذلك لأن هناك توأمة للنادى مع أحد النوادى الأوروبية وهو شىء غير موجود فى النوادى الأخرى.. وأنا لا أمارس أى نوع من الدعاية للنادى الذى أغلق عضويته تقريباً من شدة الإقبال عليه، لكن أنقل تجربة لى مريرة مع نواد عريقة انتشرت فيها ظواهر شاذة على المجتمع المصرى، منها السلوك الوهابى فى المأكل والملبس وانتشار المنتقبات فى جلسات جماعية على حمام السباحة، بخلاف أن سيطرة الإخوان والسلفيين على مجالس إدارات النوادى- وهذا ما توقعناه- جعلتهم يلغون بجرة قلم كل أنشطة الرياضات النسائية وحدث ذلك فى نادى 6 أكتوبر والشمس ألغيت سباحة الفتيات والكرة المائية بل ألغيت فرق الموسيقى والكورال، بعد كل ذلك يأتى الأخ الشاكى والمسؤول يريدان تخريب نادى وادى دجلة ليصير أثراً بعد عين، وسوقاً شعبية كسوابقه ثم إن فكرة النادى قانوناً تقوم على اتفاق مجموعة من الناس على إقامة مكان يتفق مع أهدافهم دون المساس بالأعراف أو الآداب أو الذوق العام. والنقاب ظاهرة وهابية لا علاقة لها بالتراث المصرى أو الإسلامى ولم يرد بها نص.. وبمقارنة بسيطة بين وادى دجلة بإدارته المتدربة بأوروبا ولائحة نشاطه وقوانينه الداخلية وبين نوادى حلل المحشى ستعرفون الفارق، وستتأكدون أن كثيرا من المتعصبين أخذوا الملبس الشكلى أساس الإسلام، بينما وادى دجلة طبق جوهر الإسلام، وهو النظافة فى السلوك والشكل معاً.. ارحمونا يرحمكم الله.
مشاركة
اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
مشاركة
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة