خذ أحدهم جانبا واسأله ما بال النسوة اللاتى فى البيوت يحذرن أبناءهن من سماع تسجيلاته أو الذهاب لحلقات درسه أو مؤتمراته الجماهيرية الحاشدة، سيخبرك على الفور بأن زوج هذه السيدة ملحد وهى علمانية وأمها كانت شيوعية، وأبوها كان يشرب الخمر فى نهار رمضان، أو خذ آخر واسأله عن الذين يغلقون التليفزيون فى وجهه حينما يتحدث فى أحد البرامج، سيبكى بالدموع الحارة، وهو يحكى لك عن الحرب القذرة التى يتعرض لها وحملة التكفير التى تطاله من المشايخ والأموال الخليجية التى تراق على شرفه وعرضه بين الغلابة الذين يحرص الواحد منهم على حلاقة ذقنه جيدا قبل أن يذهب لاختيار أصحاب اللحى فى الانتخابات، فالجميع مضطهدون ويتعرضون للتشويه، والجميع إما ضحية ديكتاتور سابق، أو مشير حالى أو مرشد أعلى للثورة فى المستقبل، لكن الحقيقة أن أكثر هؤلاء فاشلون.
فى ماليزيا برأت محكمة منذ أيام سياسياً يدعى أنور إبراهيم أحد أبرز المعارضين من تهمة «اللواط» والتى ظلت تطارده لسنوات، ورغم ذلك ظل الرجل يقاتل ليثبت أنها مكيدة سياسية ويؤمن أنصاره أنه برىء، لدينا فى مصر من يتحطمون مع أول بلاغ للنائب العام دون دليل، وتتحول المناظرة التليفزيونية من سجال فكرى إلى خناقة فى شارع، وليس السلفيون فقط هم من تنطبق عليهم شروط حداثة العهد بالسياسية، فكلنا مراهقون، الليبرالى يخبئ بداخله ديكتاتور، والناصرى ينتظر الماضى الذى لن يأتى، والإخوان حديثو عهد بالسلطة، والنخبة حديثة عهد بالحرية، إلا أن الميزة الوحيدة التى يشترك فيها الجميع أنهم خبراء فى المكايدة والشتم السياسى والاختباء وراء الثورة أحيانا والركوب عليها دائما.
نحمد الله أن التراشقات التى تسرى بين النخبة السياسية عندنا لم تصل إلى حد «اللواط»، واكتفت باتهامات العمالة والتكفير والأجندات، والتحدث باسم الله أو نيابة عن الشعب أو الجرى فى المحاكم خلف قضايا التمويل وتفتيش المقرات والضمائر، لذلك نحن نختلف عن ماليزيا فى معدل النمو وسرعة الإنجاب، ودخل السياحة ومعدل الكلام، ونسبة الطلاق فنحن نفضل النموذج الهندى عن أخيه الماليزى، وستظل النخبة تدفع الناس لكراهية الثورة لمجرد أنهم يتبارون فى عروض الأزياء أمام الشاشات، ويظل السلفيون يدفعون الناس للخوف من الدين طالما يعملون بالسياسة أول الليل ويعتبرونها كفرا فى آخره.