مكاسب الوسط

فى رسالة حزينة ومحفزة لأعضاء حزب الوسط، قال رئيسه المهندس أبوالعلا ماضى، إن الحزب خاض الانتخابات بشرف حسب المرجعية الإسلامية الصحيحة، وأضاف: «كانت الدعاية محدودة بقدر الإمكانات، ولكن المستجيبين لكم كانوا أكثر من مليون مصرى، وكان منافسوكم غلاظا شدادا قساة، ولكن إخلاصكم وبراءتكم وحبكم لوطنكم بل حبكم لمنافسيكم، كان أقوى من قسوتهم وغلظتهم، فاستملتم منهم الكثير».

تحوى الرسالة كلمات أخرى تطالب الأعضاء ببناء الحزب ونشر فكره، وفسرها البعض بأنها تعبر عن شعور بالهزيمة، لأن الحزب لم يحقق سوى 10 مقاعد فقط فى الانتخابات، وبحسبة الكم يعد هذا العدد خسارة كبيرة، لكن ربما يتغير التقييم بالنظرة الشاملة للمشهد السياسى.
فرض حزب الوسط اسمه منذ أن طرح نفسه ككيان فى منتصف التسعينيات من القرن الماضى، وكان محسوبا فى البداية على جماعة الإخوان المسلمين، ثم أصبح كيانا مستقلا عنها يحمل رؤية فكرية مختلفة وأكثر انفتاحا على التيارات السياسية الأخرى، وواجه الحزب حربا شرسة من أجهزة أمن الدولة، لكن المؤسسين واصلوا تصميمهم حتى أصدر القضاء حكمه لصالحه بعد أيام قليلة من ثورة 25 يناير.

كان الاهتمام بتجربة «الوسط» منذ بدء التأسيس كبيرا ولافتا، واقترن ذلك بآراء قيل فيها إنه فى ظل غياب حزب شرعى لجماعة الإخوان، فإن «الوسط» قادر على جذب عضوية كبيرة، باعتباره الكيان الذى يحمل مرجعية إسلامية، وإن الرافض لتشدد الجماعة ربما يجد فيه فضاء أكثر انفتاحا، لكن بناء هذه الرؤية قام على أرضية أن نظام مبارك باق، خاصة أن احتمالات الثورة لم تكن تلوح فى الأفق، وبتفجرها أصبح الأمر مختلفا.

من رحم الثورة خرجت أحزاب «إسلامية» فى مقدمتها «الحرية والعدالة» و«النور»، وبذلك أصبح «الصوت الإسلامى» متعددا، ولاعتبارات التمرس ونوع الخطاب السياسى، تصدر الاثنان وتراجع «الوسط»، ورغم ذلك اختار الطريق الأصعب فى الانتخابات، وذلك بخوضه بقائمة منفردة، وأدى ذلك إلى ترويج اسم الحزب شعبيا، ولو خاضها فى تحالف انتخابى ما تحقق له هذا الترويج، وتلك فائدة لو تم البناء عليها تنظيميا وجماهيريا ستعود بالنفع، ويمكن تعظيمها فى حال تقديم النواب العشرة أداء رفيعا تحت قبة البرلمان، ولكل هذه الاعتبارات فلنقرأ رسالة أبوالعلا ماضى بإيجابية.