لا أحب أن أعلق على أداء الزملاء فى الفضائيات، خصوصا المسؤولين عن برامج التوك شو، وكنت قطعت عهدا على نفسى أن ألتزم تجاههم بأضعف الإيمان، بأن ألزم بيتى والقنوات الإخبارية الموضوعية وأن أنسى وجود العشرين قناة والخمسمائة برنامج المتسلطين على أدمغتنا بكلام متشابه وضيوف مكررين لا هم لهم إلا أن يعزفوا سيمفونية العويل على الخراب والمزايدة على المعتصمين والثوار بداعٍ أو بدون داعٍ وكأن على رءوسهم «بطحة».
فى المرات التى أخطئ فيها، وأقع تحت عجلات خطاب الأستاذ أو الأستاذة من أصحاب البرامج الملاكى، عادة ما تنتهى الليلة بمشاجرة وارتفاع ضغط الدم عندى، لأن عموم الناس فى العادة تنقسم إلى فريقين لا ثالث لهما، إما رافضون ما تعرضه وسائل الإعلام على اعتبار أن البرامج وضيوفها بعيدون عن قضايا الناس الحقيقية أو يصدقون ما يسمعونه ويتصرفون بحسبما يفهمونه منها، وخلاصته المثل العامى السائر «إن خرب بيت أبوك خد لك منه قالب».
عموم المشاهدين تصلهم الحالة العامة أو الفكرة التى يلف ويدور حولها البرنامج، وهى لن تخرج عن كشف ملفات فساد جديدة أو تجاوزات خطيرة، أو أسرار فظيعة، حيث الهدف الأغلى والأسمى هو ربط المشاهد المسكين أمام إعلانات الفواصل دون وعى كافٍ بما يعنيه صباغة الدنيا بالهباب الأسود أمام المشاهدين.
كل هؤلاء العباقرة والشرفاء والعارفين ببواطن الأمور فى مصاطب التوك شو يتكلمون عن المصائب فقط، أما الحلول والاقتراحات البسيطة والبحث عن أمل لعشرات الملايين من أبناء الشعب المصرى الشقيق الغارق فى مشكلات احتياجاته الأساسية ومستقبله الذى يغوص فى وحل العصور الوسطى، فلا وألف لا،الشعب له رب يحميه!
وما زاد وغطّى، تلك البرامج الطائفية الجديدة التى تنوى تفتيت المواطنين الغلابة إلى عشرات الفرق والفرقاء والمتفرقين حول الإسلاميين والعلمانيين والمسلمين والأقباط والمواطنين والبهائيين وأبناء الوادى والبدو والنوبيين و.. و.. إلخ
أشعر باليأس من إمكانية إصلاح المفاهيم التى تقوم عليها صناعة الإعلام الفضائى فى مصر على المدى القريب، وأشعر بالخجل من التأثير الزائف الذى يمارسه شركاء فى المهنة على عقول المواطنين، ولا أملك إلا تجديد العهد مع نفسى بمقاطعة هذه المكلمخانات الفارغة، هل هناك بدائل؟
مشاركة
اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
مشاركة
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة