منذ ثلاث سنوات طرحت «اليوم السابع» سؤالا على المسؤولين بوزارة الثقافة، كان السؤال هو: لماذا لا يستضيف معرض القاهرة الدولى للكتاب مثقفين وسياسيين، كانوا يحسبون على المعارضة وقتها، ولهم من المكانة الأدبية والسياسية الكثير؟ وكانت الإجابة دائما تأتى ملتوية، ففى السنة الأولى أجاب الدكتور صابر عرب بأنه أتى إلى قيادة هيئة الكتاب فى وقت حرج وقد كان المعرض وقتها جهز برنامجه ولم يكن به مكان لمثقفين كبار أمثال الأستاذ محمد حسنين هيكل، أو الشاعر الكبير أحمد فؤاد نجم، أو الدكتور جلال أمين، أو الكاتب الكبير فهمى هويدى، أو الشاعر الكبير سيد حجاب، ووعد «عرب» بأنه إذا أمد الله فى عمره بالهيئة سيدعو كل الكتاب المعارضين لندوات المعرض وفعالياته فى العام القادم، ورغم أن السؤال وقتها كان محرجا، وأن التبرير بدا غير مقنع، لكن الوعد باستضافة هؤلاء الكتاب الكبار والمبدعين العظام كان كافيا، ووقتها كان لسان حالنا يقول: أدينا قاعدين وهنشوف.
أتت «السنة الجاية» التى هى العام الماضى، ولم تدع هيئة الكتاب أيا من هذه الأسماء، فقد كان ذكر اسم أى من هؤلاء كفيلا بأن ترتعب مباحث أمن الدولة، ويكشر مبارك عن أنيابه، ولم يكن بمقدور أحد أن يتلفظ باسم فؤاد نجم أو حجاب أو هويدى أمام رجال الرئاسة وكلاب الحراسة، ونشرت «اليوم السابع» أيضا وقتها أن هيئة الكتاب لم توف بوعدها، ولم تستضف أحدا من الذين وعدت باستضافتهم، ثم اشتعلت الثورة فى يوم 28 يناير الماضى قبل بدء المعرض بيوم واحد، فتم إلغاء المعرض، وكفى الله المسؤولين شر الإحراج.
ورغم أن النظام لم يسقط بعد، لكنى أعتقد أن استمرار استبعاد المعارضين من معرض القاهرة الدولى للكتاب أصبح غير مستساغ ولا مقبول، إذ لا يعقل أن نحرم الجمهور من نجوم الأدب والكتابة والشعر فى الوقت الذى نريد فيه بناء خطة ثقافية طموح لتصل الثقافة إلى كل بيت مصرى، وبما أن الخريطة تغيرت وظهرت أطياف سياسية وفكرية جديدة فإنى أتمنى بجانب استضافة الأسماء السابق ذكرها أن يتحول معرض الكتاب إلى منبر للتبارى فى الأفكار كما كان يحدث قديما، وكم سأكون سعيدا إذا ما استضاف المعرض هذا العام الشيخ على جمعة مفتى الديار المصرية والشيخ أبوإسحق الحوينى فى مناظرة على منصة واحدة، لينقلا معركتهما من المحاكم والأقسام إلى الموائد والمنصات، وكم سأكون سعيدا أيضا إن استضاف المعرض محمد أبوحامد، عضو مجلس الشعب، نائب رئيس حزب المصريين الأحرار، والدكتور عماد عبدالغفور رئيس حزب النور لنبدأ عاما جديدا بفكر جديد أساسه الحوار وقوامه الاحترام.