بانزعاج شديد قال لى أحد أكبر المثقفين العرب إن الثورات العربية تمر بمنعطف تاريخى شديد الأهمية والخطورة، وإنه -وإن كان لا يشك فى عدالة مطالبها ووطنية القائمين بها- يتخوف من سرقتها على غرار ما حدث فى الثورة الإيرانية التى بدأها الشباب ثم سرقها رجال الدين، وأكد المفكر الكبير -الذى أحتفظ باسمه بناء على رغبته -أن هناك أدوارا مشبوهة يقوم بها بعض الدول العربية الشقيقة، واستشهد على كلامه بتسجيل صوتى كان فى حوزة القذافى وتم تسريبه إلى مواقع الإنترنت بعد مقتله، وحينما استفسرت عن هذا التسجيل قال لى ابحث على الإنترنت عن مكالمة هاتفية بين حمد بن جاسم رئيس وزراء قطر والقذافى، ولما بحثت وجدت تلك المكالمة مفاجأة.
قبل استعراض هذه المكالمة تجدر الإشارة إلى أنها ربما تكون قد تعرضت لعملية مونتاج حذف منها كلام القذافى، وهناك شبه إجماع فى مواقع الإنترنت على أنها منسوبة لحمد بن جاسم، وفى سياق البحث حاولت أن أجد رد فعل من قطر على هذه المكالمة لكنى لم أجد نفيا ولا تأكيدا، وفى هذه المكالمة يقول الصوت المنسوب لـ«بن جاسم» إن قطر ستعمل على إسقاط النظام السعودى وستدخل يوماً إلى القطيف والشرقية وتقسم السعودية، لأن النظام يعانى من الشيخوخة، والملك عبدالله مجرد «واجهة»، مؤكدا على أهمية استقطاب الصف الثانى من الجيش السعودى، ثم تأتى المفاجأة الأخطر وهى أنه يقر باجتماعه مع المخابرات الأمريكية والبريطانية وطلب منهما المعاونة فيما يريد، فطلبت منه تقريراً عن الوضع فى السعودية، وأعربتا عن نيتهما بالخلاص من النظام والإطاحة به، لكنهما يخشيان من حكم إسلاميين غير مرغوبين «يقصد الشيعة».
ويستعرض الصوت المنسوب لـ«بن جاسم» الدور الذى تقوم به قطر فيتباهى بأن محمد بن عبدالوهاب جده السادس عشر، لذلك فهم أولى بالوهابية من السعودية وأن بلده تفوق على المملكة ونُقلت القواعد الأمريكية إليه، ويبدو أن هذه المكالمة -إن صحت- قد أجريت وقت اشتعال الأزمة بين القذافى وعبدالله، وما يهمنى هنا ليس رمى قطر بالعمالة ولا كشف المؤامرة التى تتعرض لها السعودية، فبالنسبة لى كل الأنظمة العربية فاسدة والأهم هو أمن مصر القومى، وإن صحت تلك المكالمة فإنه من الصعب أن نتجاهل أن لقطر مشروعا إقليميا يتعدى فكرة الاتكاء على منبر الجزيرة لإثبات أهميتها، وأنها تريد أن تضع قدمها فى كل بلاد العرب وأولها مصر، ولذلك فإنه من الصعب أيضا أن نتجاهل العلاقة الواضحة والمباشرة بين قطر والسلفيين، ودعمهما المالى المعلن للجمعيات السلفية الذى بلغ مئات الملايين، والذى أثبته تقرير تقصى الحقائق فى قضية التمويل الخارجى.