اتصل بى عدد من القراء للتعليق على ما كتبته هنا بالأمس حول دولة البنك المركزى والبعض الآخر اكتفى بكتابة تعليق، مؤيدا أو رافضا لما جاء فى المقال حول دولة البنك المركزى وقصة التسعة مليارات دولار المجمدة والتى لا تصرف إلا بأمر الرئيس، والتى كشف عنها وكيل جهاز المحاسبات السابق عاصم عبدالمعطى.
بعض القراء أبدى اندهاشه من حجم المبلغ، واعتبر أن ما خفى كان أعظم، وأن الكشف عن تلك المبالغ بداية خيط لأمور أخرى تضاف إلى رصيد الفساد الذى سكن وعشش فى جهات كثيرة بالدولة فى زمن مبارك وأبنائه.
المفارقة أن الكشف عن المبالغ يتزامن مع زيارة لبعثة صندوق النقد الدولى سيئ الذكر لإجراء محادثات مع حكومة الدكتور الجنزورى لإقراض مصر حوالى 3 مليارات دولار، فكيف يكون هناك أموال مجمدة بهذا الحجم فى البنك المركزى ونضطر للتفاوض مع الصندوق والرضوخ لشروطه لإقراضنا 3 مليارات فقط؟ فكيف تلجأ الدولة للمنح والقروض الخارجية مادام لها موارد واحتياطى نقدى حقيقى، وأرصدة لم يتم الإفصاح عنها؟
السؤال منطقى رغم بساطته، ومن حق الناس التى ضحت بأرواحها ودمائها أن تعرف كيف تدار أموال الدولة وكيف يتم التصرف فيها ومن له الحق فى ذلك.
كلها تساؤلات لن تتوقف إلا بخروج الدكتور فاروق العقدة محافظ البنك المركزى للإجابة عنها، فالصمت هنا والبيانات المرتبكة التى تزيد الأمور تعقيدا وغموضا لن تفيد فى هذه الظروف، فالبيان الذى أصدره البنك ليس كافيا ويحتاج لمزيد من التوضيح والتفسير لأنه جاء بنفى لإثبات حقيقة العلاقة المباشرة للأرصدة المذكورة بالرئيس المخلوع وبمؤسسة الرئاسة وكان يتم التصرف فيها بشكل مباشر طوال السنوات الماضية «بأمر الرئيس»، فهل يكسر الدكتور العقدة جدار الصمت ويعلن الحقيقة للرأى العام؟
وفى حالة إذا ما كانت هذه الأموال مجمدة الآن ولا يتم التصرف فيها إلا بأمر الرئيس، فإن الضرورة الآن تستدعى قيام المجلس العسكرى الذى يقوم بمهام الرئيس بتوظيف تلك المبالغ لدعم الاقتصاد بدلا من اللجوء إلى الصندوق الدولى، وإعفاء الحكومة من سؤال اللئيم.
يبقى أن كل ما سبق هو محاولة لفهم وضع قائم فرضته قصة الأموال المجمدة لكنه قد يكون مقدمة لإصلاح شامل يؤسس على الوضوح والشفافية والرقابة الحقيقية فى أخطر مؤسسة مالية فى مصر.