ربما كان انسحاب البرادعى من سباق الرئاسة بداية تصحيح مسار، ولعب دورا كان يجب أن يلعبه من البداية، الانسحاب خبر مهم، لكنه قد يشغل الناس يوما أو أياما ثم ينتهى لتتحول الأضواء لحدث جديد، الانسحاب السياسى ربما هو أسهل الحلول ويكتسب أهميته من إنجاز الشخص المنسحب، والدكتور البرادعى كاسم وشخص أهم كثيرا من الإنجاز الذى قدمه، وكان يمكنه أن يقوم بدور أكثر أهمية واتساعا وعمقا مما قدم بالفعل.
لم أتوقع أن يواصل البرادعى البقاء فى سباق الرئاسة، وكنت أظن أنه يمكن أن يقوم بدور الداعية السياسى أكثر من دور المنافس، ثم إنه لم يكن يفكر فى العمل السياسى طوال عمره وحتى بعد طرح اسمه انتظر أن يكمل مهمته الوظيفية ويتقاعد، وهى نقاط فاتت على كثيرين بالغوا فى الرهان على قدرات لم تتوفر فيه وأهملوا ميزات متاحة ويمكن تنميتها.
كان الخطأ من البداية طرح اسمه كمرشح للرئاسة، بينما هو قادم من عالم الدبلوماسية، وكان يمكن استمراره كأحد الرموز للمرحلة، والتى تساهم فى الاقتراح السياسى أو تسعى لتقريب وجهات النظر بين المختلفين. فهو لم يجد دور المسابق السياسى، واكتفى بدور المعلق على تويتر.
من البداية لم يقل البرادعى إنه ملهم وأبدى استعداده لتقديم شىء للبلد، ولم يكن مؤيدوه يقبلون أى انتقادات له، ولا أقصد تلك الحملات البذيئة التى حاولت تشويه الرجل، وإنما الانتقادات التى وجهها له بعض من كانوا مؤيديه وانسحبوا من فريقه، اعتراضا على طريقته فى الإدارة سياسيا فإن الحملات السلبية ضد البرادعى أفادته أكثر مما أضرته وجذبت له تعاطفا، ومع هذا فإن أنصاره تصوروا أن مهمتهم مهاجمة خصومه وإقناع المؤيدين وليس اختراق الخصوم، أو دفع قائدهم للنزول وخوض التجربة، وقد رأينا كيف تصور أنصار البرادعى أن الدكتور أحمد زويل ينوى الترشح للرئاسة، وأن هناك اتجاها لتغيير القانون للسماح للمتزوج من أجنبية بالترشح وهاجموا زويل بسبب شائعة، بالرغم من أنه ليس منافسا.
كان الأمل معقودا عل البرادعى أن يكون داعية ومبشرا سياسيا يجمع القوى المختلفة، ويكون قادرا على تجميع المختلفين حول أهداف متقاربة، وهى مهمة القائد بكاريزما أو بدون. وهذا هو الذى يصنع الكاريزما، التى ليست شكلا أو خطابات لكنها قدرة على جمع المتناقضين وعبور الخلافات الثانوية وطرح مبادرات، لكنه كان كثيرا ما يخذل مناصريه، وبعضهم كان يؤيده على طريقة الألتراس، دون تصور لكون السياسة تحتاج إلى قدرة على الصراع والمناورة، وكان يوحى بأنه يمتلك تصورات، لايعلن عنها ولم يمتلك القدرة على صنع مفاجآت ومبادرات، وترك المهمة التى كان يمكن أن ينجح من خلالها، وألا يكون طرفا فى معادلات سياسية، لايجيد تفهم دهاليزها، ربما كان انسحابه بداية لدوره الذى لم يلعبه بعد.
مشاركة
اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
مشاركة
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة