على المقاهى، وفى الميكروباصات، فى الأتوبيسات.. التاكسيات، فى طوابير العيش، والمصالح الحكومية، وبجلسات السمر فى الأَمسية الباردة، وعلى شاشات الفضائيات فى برامج التوك شو، وفى محلات السوبر ماركت والبقالة، وفى لقاءات السياسيين بالجماهير، وفى النميمة الصباحية فى العمل، وعلى صفحات الجرائد والمجلات، فى كل وقت وفى أى مكان، لا يوجد فى مصر إلا سؤال واحد: توقعاتك إيه لـ 25 يناير؟ ويزيد طراد السؤال وتوتر سائله، كلما اقترب هذا التاريخ من المجىء، وما بين متخوف ومتأمل وحائر وشامت، ومترقب ومتحفز وآمل، يقف الشعب المصرى، يسأل عن التوقعات المرئية، ويبحث عن تسريبات ليلة الامتحان!.
يبدو السؤال طبيعيا وتلقائيا فى ظل حالة غير مسبوقة من انتشار الشائعات المخيفة عن مسلسلات إحراق مصر، وأفلام الرعب التى أنتجها وأخرجها، وكتب حبكتها مجلسنا العسكرى المهيب، بمساعدة زبانية الداخلية الذين يحترفون القيام بدور الشيطان الرجيم، ومساعديهم من البلطجية المستترين، والعلنيين الذين يطلق عليهم تليفزيوننا العظيم لقب «المواطنين الشرفاء»، فسبحان الذى جعل شرفاءنا بلطجية، وحراس الأمن والأمان تجار خوف، يستثمرون بضاعتهم البالية فى أسواق طحنها الفقر، وأعياها المرض، معتمدين على الحكمة القائلة «جوع كلبك يتبعك» التى يعتبرها الطغاة أيقونتهم المعبودة.
المحزن أن الأغلبية التى تقوم أحيانا بدور «صامتة» وأحيانا أخرى تقوم بدور «واعية»، تكتفى بطرح السؤال: توقعاتك إيه؟ ويا حبذا لو المسؤول فل من الفلول، فالرد يكون سوداويا مأساويا كارثيا، وبالطبع لن ينسى أن يختم كلامه بالجملة الشهيرة، منهم لله بتوع التحرير، الله يخرب بيوتهم خربوا البلد، أما لو كان المسؤول من الثوار، فطبيعى أن يكون الرد: إن شاء الله خير، وبصرف النظر عن الردود وقائلها فإن الاكتفاء بالسؤال يعيد الشخصية المصرية إلى ما قبل 25 يناير 2011، وقت أن كانت متدثرة بسلبيتها، مكتفية بقسمتها ونصيبها، منتظرة الغيب، مترقبة ما الذى سيأتى بها، متلحفة بالدعاء والتمنى، عاجزة عن المشاركة وصنع الأحداث، بدلا من مشاهدتها على شاشات التليفزيون.
انزل وشارك، لا تكتف بالمشاهدة، إن رأيت أحدا يخرب بلدك فامنعه، وإن رأيت مشاركة حضارية وتظاهرة فى حب مصر والدفاع عنها وعن ثورتها انضم لها.