فاطمة خير

يا رب.. وطن

الخميس، 19 يناير 2012 04:25 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
فى رثاءٍ شعبى وفنى راقٍ للوطن يقول أهل العراق: «اللى مضيع حبيب يمكن سنة ويلقاه.. واللى مضيع ذهب بسوق الذهب يلقاه.. واللى مضيع وطن وين الوطن يلقاه؟»، أخشى ما أخشاه أن يأتى يوم قريب نغنى نحن هذه الأغنية الحزينة نفسها، فى يوم لا ينفع فيه الندم، بعد أن نفيق على أن المعارك التى خضناها، وكنا نظنها لوجه الوطن، كانت فى الحقيقة سبيلاً لاغتياله.
الطريق إلى جهنم مفروش بالنوايا الحسنة، والطريق إلى ضياع الوطن قد يكون مفروشا بما يبدو أنه تضحيات، الارتماء فى قلب التهلكة، ونذر الروح فداء لحياة الوطن، هو فى حد ذاته نُبل لا يساويه نُبل، لكن، أليس إعمال العقل واجبا؟، أن نتوقف قليلا أو حتى كثيرا كى نسأل أنفسنا: إلى أين؟ وثم ماذا؟ وكيف؟، أليس التوقف لتقييم أى تجربة من ضروب المنطق؟، أليس «النقد الذاتى» من شيم هؤلاء الساعين إلى عالمٍ أفضل؟، الحياة.. مسؤولية علينا تحملها وعبئها ليس بالهين، والحرية.. هدف ليس الوصول إليه سهلاً، لكنه فى الأساس يحتاج أن نكون على قيد الحياة لا جثثا تستجدى من يواريها الثرى، مصر تحتاج إلينا أقوياء أصحاء، الضعفاء لا يبنون أوطانا هم يستحقون الشفقة وحسب، ونحن نستحق أفضل من هذا وأكثر، نحن أحفاد الفراعنة العظام، وحماة أهل بيت النبى، وخير أجناد الأرض، ومجد الأمة العربية وقادة نهضتها، نحن يحق لنا أن نثق أكثر فى تاريخنا، وحضارتنا، و«جينات» النجاح والعَظَمَة لدينا، لذا ينبغى علينا أن نعتنى بأنفسنا أكثر، أن نتعامل معها باعتبارها تستحق الحياة لا الموت، أن ننجذب إلى لحن الحياة أكثر مما ننقاد إلى إغراء الموت، والحرب خدعة ينتصر فيها من يبقى على قيد الحياة، فيضحك أو يتألم لكنه فى كل الأحوال يظل ينبض بالحياة، فيدخر للغد أملاً أو حلماً.
الثورة ليست غاية، وإنما هى وسيلة، ككل وسائل البقاء، لعن الله من سفهها وبارك من أعطاها حق قدرها وأحسن استخدامها، الثورة قد تكون ناراً يحترق بها من لا يدرك سرها، وهم كثيرون حولنا، يدورون حول نار الثورة أملاً فى النور دون أن يدركوا أنهم يقتربون من الاحتراق بلهيبها، أدعو الله أن نفيق جميعاً خوفاً من أن نتسول وطناً فى يوم قريبا كان أو بعيدا، فالأوطان لا تمنح، وإنما تكتسب بقوة الإيمان بها والقدرة على الدفاع عنها وحمايتها حتى من أخلص أبنائها فى لحظة ما.
لنحارب لأجل البقاء على قيد الحياة أقوياء، ساعتها يحق لأى منا أن يمارس اختياره وليغنِ وقتها كما يشاء مع الرائع عبدالرحمن الأبنودى:
«أبكى.. أنزف.. أموت
وتعيشى يا ضحكة مصر».





مشاركة






الرجوع الى أعلى الصفحة