التفتيش فى تفاصيل مهزلة مباراة الأهلى وغزل المحلة يكشف أمراض مصر وأسرار ارتباكها وتعثر مرحلتها الانتقالية، ويفضح تلك الأيادى الخفية أو الطرف الثالث أو اللهو الخفى الذى جعلنا منه شماعة نلجأ إليها كلما فشلنا فى العثور على حل أو إطفاء نار أشعلها جهلنا أو صمتنا.
أول مايمكن أن نستخلصه من تفاصيل مباراة الأهلى وغزل المحلة التى انتهت بنزول «شوية عيال» إلى أرض الاستاد هو أن الأيادى الخفية ليست لأحد من دولة أجنبية، أو لعصابة «مستخبية»، هى فى الغالب جزء من جسد مصرى جاهل أو غبى أو نصاب يسهم بجهله أو بغبائه أو بأخلاقه الفاسدة فى إشعال نيران الفتنة، كما حدث تماما فى مباراة الأهلى والزمالك على يد لاعب مغمور لا يجيد أيا من أساسيات كرة القدم لدرجة أنه «قلش» فى منطقة حساسة، وأحرز هدفا فى مرمى فريقه، وجلس يندب حظه على الأرض واضعا يده فوق رأسه وكأنه يفكر فى ماينتظره من سباب جماهيرى وتوبيخ إدارى وفنى.
لاعب غزل المحلة عمرو رمضان نموذج للشىء الذى لا نريده لهذا الوطن، لأنه نموذج للابن الفاشل الذى يسعى للتغطية على فشله بحرق المنزل، هذا بالضبط مافعله عمرو رمضان، أحرز هدفا فى نفسه، وندب حظه، وحينما اكتشف قليلا من الهرج والمرج حول الهدف، استغل الفرصة وقرر أن ينجو بنفسه على جثة المباراة وسمعة الوطن، فقرر أن يكذب ويكذّب ويقسم ويحلف بأن الكرة لم تدخل المرمى، هو وصديقه حارس المرمى الذى لا يقل عنه أخلاقا المدعو سامح على، حينما سئلا عن علامات الحزن وأفعال الندب التى بدت عليهما عقب دخول الكرة المرمى، قالا: إحنا زعلنا علشان الكرة «قلشت»، أى قلش هذا ياكباتن!.
اتحاد الكرة ليس مطالبا بأن يحسم مصير المباراة، ولكنه مطالبا بأن يردع أمثال هؤلاء، الذين لا يملكون مهارة ولا أخلاقا ولديهم الاستعداد لإشعال النيران فى الكل من أجل النجاة وعدم المحاسبة، مثلهم فى ذلك مثل الجهاز الفنى لفريق غزل المحلة.
الاكتشاف الثانى الذى طرحته أزمة الأهلى والمحلة، يتعلق بالإعلام الرياضى الذى يثبت كل يوم أنه إعلام للهواة، وأن السادة مقدمى البرامج الرياضية لا يختلفون كثيرا عن تلاميذ الإذاعة المدرسية، الذى يقرأون من ورقة ويتلون ما يحفظونه بدون فهم، سعى السادة سعيا حثيثا للحصول على مكالمة مع اللاعب الكذاب وتركوه يهذى ويحلف ويقسم ولم يواجهه أحد بما أثبتته الكاميرا أو ماأبدته ملامحه، ثم لجأوا إلى تحميل الحكم مسؤولية ماحدث لمجرد أنه ذهب ليحمى مساعده دون أن يكلف أحدهم نفسه عناء الانتظار أو السعى للحصول على المعلومة من الحكم أو مساعده أو مراقب المباراة. الاكتشاف الثالث من بين حطام مباراة الأهلى والمحلة، هو سؤال يقول: إذا كان الأمن قادر على ضبط النفس إلى هذه الدرجة، والتعامل مع شغب الجماهير بهذا الأسلوب المتحضر والمحترم، فلماذا خاب مسعاه من قبل مع الألتراس الأهلاوى والزملكاوى، ولماذا كان يلجأ إلى العنف سريعا قبل التفكير فى طرق أخرى لفض الاشتباكات؟، هل صحيح أن السر فى اللواء محمد إبراهيم وتعليماته؟.. إن كان السر فى وزير الداخلية الجديد، فلا نملك إلا أداء التحية والدعاء بأن يجعل الله سره «باتع» كما كانت تقول جدتى!!
مشاركة
اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
مشاركة
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة