كريم عبد السلام

مليونيات الباعة الجائلين

الإثنين، 02 يناير 2012 04:26 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
لماذا لا تعتمد القوى السياسية منطقا آخر للتعبير عن مواقفها سوى الدعوة لمظاهرات مليونية فى التحرير أو غيره من الميادين؟ دعوة بعد أخرى للتظاهر لم تلق صدى يذكر، ولم يستجب لها سوى العشرات، كان آخرها ما عرف بمليونية «لم الشمل» التى كانت يتيمة فى كل شىء، وأغلب الحاضرين فيها كانوا من الباعة الجائلين المقيمين فى الميدان.
أفهم أن الدعوة للمليونيات بهدف التعبير عن فكرة هى رد فعل لتأثير ثورة 25 يناير وما تلاها من أحداث، وهو تأثير مازال طاغيا، كما أنه مجرَّب فى الضغط على المجلس العسكرى والحكومة لتنفيذ مطالب المتظاهرين، لكن تكرار الدعوة بداع وبدون داع يمسخ الفكرة وينزل بالمعنويات إلى الحضيض ويدفع فى اتجاه عكسى تماما.
ولأن الشعب المصرى ذكى ولماح ولا تنطلى عليه الحيلة فقد استطاع مبكرا أن يحسم موقفه من إضفاء الشرعية على هذه الدعوات أو حجبها عنها، بحسب تعبيرها عن مواقف الشعب وانحيازاته، إدراكا منه بأن العمل السياسى لا يصح أن يختزله هذا الفصيل أو ذاك فى التجمع بالميادين ورفع الأعلام وصك الشعارات والسلام.
الشعب المصرى أيضا يتابع ويقيس من الذى يتصدى للقضايا الأكثر إلحاحا وجماهيرية من النخب السياسية، ومن ينام على أبواب الفضائيات ويصدع رؤوسنا بكلام معاد ومكرر دون أن يسهم فعليا فى حل مشكلة أو علاج أزمة، ولذلك عندما يتوجه زيد أو عبيد بدعوة لمليونية، يكون الرد الشعبى عليه فوريا أشبه برد الفعل الفورى من جمهور المسرح على أداء الممثلين إما أن يصفقوا لهم بحرارة أو يتجاهلوا أداءهم، ويبقى على الممثل أو السياسى على السواء أن يدرك موقف الجمهور باعتباره الحكم.
من ناحية أخرى، أصبح الناس أكثر وعيا بعد نجاح العملية الانتخابية بأن البرلمان المنتخب يمثل نوعا مختلفا من الضغط والمراقبة والإصلاح التشريعى المنضبط، يختلف كثيرا عن الأداء الجماهيرى العشوائى فى الميادين، والذى يمكن أن يندس وسطه عناصر لها أهدافها غير الوطنية تفسد المواقف الشعبية بالتخريب والعدوان، ومع اقتراب انعقاد مجلس الشعب ومن بعده مجلس الشورى، بدا توق الناس للبرلمان المعبر عنهم أكبر بكثير من رغبتهم فى التظاهر والاعتصام، خاصة بعد الأحداث الدامية التى شهدها شارع قصر العينى.
السؤال الذى يفرض نفسه الآن متى يرتفع السياسيون إلى مستوى الوعى فى الشارع؟!








مشاركة

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة