جورج كلونى واحد من أهم نجوم السينما الأمريكية، أصحاب الموهبة المتفجرة والذى يعيد اكتشاف وتقديم نفسه طوال الوقت سواء كممثل يعرف أدواته، أو كمخرج يخوض فى تجارب متنوعة، كلونى والذى قدم مؤخرا فيلمه الأحفاد- والذى أتيحت لى مشاهدته فى مهرجان دبى السينمائى فى دورته الثامنة- نستطيع أن نطلق عليه بعد تقديمه لهذا الدور، صائد الجوائز، وهذا ما توقعه الكثيرون حيث حصل بالفعل على جائزة أفضل ممثل من جمعية نقاد السينما الأمريكية، وحصل على جائزة أحسن ممثل أيضا فى جوائز جولدن جولوب، كما أنه من أقوى المرشحين فى الفترة المقبلة للحصول على جائزة البافتا البريطانية وهى من أهم الجوائز السنوية التى تمنحها السينما البريطانية وتعادل الأوسكار الأمريكى، وهو ما يجعله المرشح الأقوى لجائزة أوسكار أحسن ممثل أمام منافسيه ومنهم براد بيت وليوناردو دى كابريو.
وفيلم النجم جورج كلونى «الأحفاد-The Descendants» هو من أهم الأفلام التى قدمها المخرج الأمريكى المتميز ألكسندر باين، صاحب العديد من الأفلام الهامة والناجحة على المستويين النقدى والجماهيرى ومنها فيلم «انتخابات-Election» عام 1999، وفيلم «عن شميدت- About Schmidt» عام 2002 من بطولة المتألق جاك نيكلسون، وفيلم «طرق جانبية- Sideways» عام 2004، وهى الأفلام المبنية دراميا على الكوميديا السوداء، ويرصد من خلالها أيضا واقعا شديد الفوضى، بات يحكم العلاقات الإنسانية.
وفى فيلم الأحفاد يواجه بطلنا مات كينج يجسده «جورج كلونى» المحامى وحفيد إحدى أعرق العائلات الإقطاعية فى جزر هاواى والوصى الشرعى على أملاكها، والحريص فى كل شىء حتى مشاعره، وفجأة يقع حادث لزوجته، والتى كانت تهوى ركوب الأمواج وتدخل على إثر هذا الحادث فى غيبوبة كاملة، ويجد كلونى أو مات نفسه أمام وضع جديد امرأة لا أمل فى شفائها وابنتين يجهل الكثير عن عالمهما، وسرعان ما يكتشف خيانة زوجته ووقوعها فى غرام رجل آخر وأنها كانت ستطلب منه الطلاق، وأن ابنته الكبرى على علم بتلك العلاقة وكذلك أصدقاءه المقربين، ويبدو الفيلم كرحلة بحث فى الذات وفى العالم الذى كان يعيش فيه البطل، ومابين محاولات الفهم واكتشاف تفاصيل عالمه يمضى بنا كلونى من خلال سيناريو يتنوع فى مستوى السرد ما بين الحكى، والبناء العادى وملىء بالتفاصيل الإنسانية ومشاعر شديدة التناقض وهى حب الزوجة التى عانت الإهمال كثيرا والرغبة فى مسامحتها، واكتشافه لابنتيه ودخوله عالميهما، وعلاقته أيضا بميراثه وعائلته فى هاواى، كل هذه الحالة استطاع أن يجسدها كلونى بعبقرية وبساطة فى آن واحد، من خلال عينيه وعضلات وجهه، وانفعالاته التى جاءت محسوبة بدرجة مذهلة فى كل مشهد وتطور دراما الفيلم- «من أجمل المشاهد لحظة اكتشافه لوجود علاقة فى حياة زوجته ومشاهد بحثه عن العشيق، مشهد النهاية عندما يتحدث إلى زوجته، قبل رفع أجهزة التنفس الصناعى عنها قائلا: «يا زوجتى يا حبيبتى يا ألمى».