هل سمعت السيد اللواء وزير الداخلية وهو يقول بالفم المليان إنه بعد أن اطمأن للحالة الأمنية فى القاهرة والجيزة عزم على زيارة المحافظات الأخرى ليطمئن قلبه على الأمن والأمان فى باقى ربوع مصر؟ أنا للأسف سمعته، ولأنى بعد تنحى مبارك كونت لى معيارا خاصا فى استكشاف الحالة الأمنية، عرفت أن سيادته يكذب، وعرفت أن قلب سيادته الذى «شحططه» فى محافظات المحروسة من أجل الاطمئنان مصنوع من مادة «الأستك» التى تتسع وتضيق وتطمئن وتخاف بحسب النية.
قبل أن تسأل عن معيارى الخاص فى الحكم على الحالة الأمنية سأدلك عليه، وهو أنى أحسب مقدار القمامة فى شوارعنا ومياديننا، فإن وجدته على حاله عرفت أن الانفلات الأمنى بخير، وإن وجدته «بعافية» عرفت أن الأمن عاد، وأيضا قبل أن تسألنى: ما هى علاقة الزبالة بالأمن؟ سأقول لك إن معظم سلاسل جبال القمامة التى سميتها فى مقال سابق «سلاسل جبال الزبالايا» ليست قمامة فعلا، وإنما هى مخلفات بناء، ووجودها بهذا الشكل يدل على أن أعمال البناء المخالفة تتم على قدم وساق، ولا رادع ولا ضابط ولا حتى عسكرى، وإمعانا فى التبجح لا يكتفى المخالفون بمخالفاتهم التى يجرمها القانون، ويزيدون عليها جريمة أخرى، هى إلقاء المخلفات فى الشوارع والميادين، رغم أن القانون يجرم ذلك أيضا، لكن لا وجود لقانون ولا زيزفون.
من هنا اتضح لى أن الأعمال عند الله بالنيات، وعودة الأمن عند الوزير بالبيانات، وقد فكر مفكرو الوزارة فى حل أزمة الانفلات الأمنى، ولما وجدوا أن الحل ثقيل على قلوبهم، لجأوا إلى الحلول التقليدية، والأمر لا يتكلف سوى خبر عن زيارة الوزير للمنطقة الفلانية، وتليفون صغير من إدارة الإعلام، وكام فلاش من كاميرات الصحافة، على كام ميكرفون حامل لوجهات القنوات، ولهجة حادة مع نظرة صارمة، ثم طلعة الوزير علينا قائلا كلمتين، مستدلا بكلامه على وجود كام لجنة فى المساء، وأمر علوى بالتهليل لعودة الأمن، فيهلل المهللون، ولا أمن ولا يحزنون.
الأمن عاد، بدليل اقتحام مفاعل الضبعة، وتخريب منشآت بمليار جنيه، وبدليل سرقة السيارات عينى عينك فى وضح النهار، وبدليل حوادث الاقتحام المسلح لمحلات السوبر ماركت، وبدليل اعتداء بلطجية مبارك وزبانيته على النشطاء فى حملة كاذبون، وبدليل قتل المواطنين على أيدى ضباط الشرطة، وبدليل اختطاف النساء والأطفال، وبدليل انفلات الأسعار الجنونى، وبدليل استمرار اللهو الخفى فى إدارة شؤون البلاد، وعشرات الأدلة، بس النفس اللى تعد. وقبل أن ننسى.. «يسقط يسقط حكم العسكر».
مشاركة
اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
مشاركة
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة