3.2 مليار دولار قيمة القرض الذى جلست السيدة فايزة أبوالنجا أمام الكاميرات توقع على أوراقه مع مندوب صندوق النقد الدولى، السيدة الوزيرة جلست بأناقتها المعهودة توقع عقود الدَّين الجديد الذى يضاف لديون مصر وهى مبتسمة، وحين أنهت التوقيع وقفت فى مشهد بروتوكولى تتبادل عقد الدين وهى تصافح مندوب النقد الدولى سعيدة والضحكة ملء فيها، والله لو لم يكن مكتوباً على الشاشة أن تلك هى مراسم توقيع دَين جديد على مصر لتصورت أن الوزيرة السعيدة توقع عقد تصدير من مصر مثلاً بمليارات أو ما شابه من اتفاقيات وعقود تطيل رقاب الدول والمسؤولين فيها وتدفعهم للضحك، وبعيداً عن ضحكات الوزيرة أو غيرها من الشكليات، دعونا فى جوهر الموضوع وهو الأهم وسأطرح عدة تساؤلات أتمنى من الله يارب يارب أن يجيبنى عليها أى حد... أى حد... أى حد
أولاً: كيف بحكومة تسيير أعمال مؤقتة توقع عقد دَين عام دون العرض على مجلس الشعب المنتخب، السيدة الوزيرة وقعت العقد قبل أيام من افتتاح البرلمان الذى تم انتخابه بالفعل فهل لم يكن ممكنا الانتظار أياما لكى يكون للشعب رقابة على لماذا وكيف وأين؟
ثانياً: قد أكون أنا مواطنة ساذجة غير عالمة بتفاصيل ميزانية مصر وإن كنت على يقين من أننا بالتأكيد فى حالة اقتصادية مزرية بعد نهب منظم لعقود طويلة، ولكن بنفس هذه السذاجة من حقى أن أسأل عن مصير أموال الصناديق الخاصة التى أنشأتها الدولة طوال حكم مبارك، ولمن لم يسمع بها أو يعرف تفاصيلها هذه الصناديق تكونت من المعونات الضخمة التى أتت من الخارج بغرض تطوير الجهاز المصرفى والوزارات والمحافظات، إضافة للأموال التى تحصلها الدولة من بعض الرسوم والدمغات المفروضة على المواطنين، وكانت هذه الأموال لا تدخل فى موازنة الدولة وبالتالى دون رقيب أو حسيب.ومن المثير أن الجهاز المركزى للمحاسبات قدر قيمتها بـ1272 مليار جنيه أى أنها قادرة على سد عجز الموازنة الذى اقترضت من أجله السيدة أبوالنجا ويفيض، وحتى لو سلمنا بمبالغة جهاز المحاسبة فيما ذكره وصدقنا دكتور سمير رضوان وزير المالية السابق فى حكومة شرف بأن رصيد هذه الصناديق 36 مليارا فقط.... برضه ماشى.... أين هذه الأموال؟ ولمَ نستدين ونحن نملك ما يسد عن أبنائنا وأحفادنا مذلة الدَّين؟
ثالثاً: وبنفس السذاجة السابقة ولهدف التعريف بمن اقترضنا منه وهو صندوق النقد الدولى التابع للأمم المتحدة والذى يقرض الدول من أجل سد عجز الموازنات ومقره فى واشنطن حيث توجد هيئة أخرى وهى البنك الدولى الذى يقرض الدول الفقيرة من أجل المساعدة فى تنمية البنية التحتية وغيرها. وقد وقعت الوزيرة أيضاً منذ أسابيع عقد دَين مع البنك بـ200 مليون دولار لتمويل الصرف الصحى والعشوائيات، وبنفس السذاجة أسأل أليس هناك مشروع لتطوير العشوائيات يرتب له المجتمع المدنى ويجمع له التبرعات من الداخل والخارج؟ فإذا كانت العشوائيات نستدين لها ونتبرع لها أيضاً ففى الغالب أنها ستصير كـ«بفيرلى هيلز» فى هوليوود.
وللتذكرة، مدير البنك الدولى هو الدكتور محمود محيى الدين وزير الاستثمار الأسبق فى حكومة نظيف ونظام مبارك، وكان مسؤولاً عن ملف الخصخصة وما شابه من فساد كبير، لكن حظه دفعه إلى هذا المنصب قبل أسابيع من الثورة ولا أحد يتحدث عنه أو يسأل عليه حتى من باب العلم بحال أبنائنا فى الخارج والاستفادة من خبراتهم أو سؤالهم عما اقترفوه قبل أن يذهبوا للخارج!! ولكن الوزيرة أبوالنجا توقع معه بعد الثورة ديونا جديدة.
ابتسامة فايزة أبوالنجا وهى تستدين باسم مصر الغنية سواء من صندوق النقد الدولى أو من محمود محيى الدين وبنكه ليست إلا ابتسامة فى عيون وقحة.