اليوم ينعقد أول برلمان بعد عام من ثورة يناير، ومنه سوف يتحدد شكل المستقبل والدستور والنظام السياسى، نصف السلطة يكتمل وسط حالة من الغموض، بينما يفترض أن يكون الوضع السياسى أكثر وضوحا، مانزال نعيش حالة من الغموض، ونواجه ألغازا تنتظر الحل.
لا أحد يعرف شكل النظام السياسى وما إذا كان رئاسيا أم برلمانيا، ولا يعرف الرئيس المحتمل انتخابه، ما هى صلاحياته الدستورية والسياسية. الأمر كله فى يد البرلمان المنتخب والذى سوف يختار اللجنة التأسيسية لوضع الدستور، وما إذا كانت ممثلة لكل تيارات وفئات المجتمع، أم تتجاهل البعض وتتجه نحو إرادة الأغلبية البرلمانية. الظاهر حتى الآن أن الإخوان يسعون لإنتاج توافق على شكل اللجنة التأسيسية، وداخل البرلمان، هناك اتهامات من بعض المنتمين لائتلافات الثورة للإخوان أنهم انتهزوا الفرص، ولعبوا سياسة، ليحصلوا على الأغلبية.
هذه الاتهامات تصبح غير ذات مضمون طالما كانت هناك انتخابات شاركت فيها الأغلبية واختارت بإرادتها الحرة، ثم إن التيارات السياسية الليبرالية واليسارية أغلبيتها قاطعت انتخابات مجلس الشورى، التى سوف تنتج الجزء الثانى من السلطة التشريعية وتركت الساحة للإسلاميين، ويتوقع أن يحصلوا على الأغلبية، وربما تستمر هذه النتائج فى المجالس المحلية التى ستكون الأكثر تأثيرا فى المستقبل السياسى.
نظريا لا يجوز لمن رفض الانصياع لقواعد الديمقراطية أن يعترض على نتائجها، لأنه بذلك يقف فى مكان يصعب فيه الحديث عن شرعية، لكن يمكنه تحديد موقفه من الانتخابات رفضا أو قبولا، ويعمل ضمن جماعات الضغط التى ينتظر أن تتشكل.
بالطبع هناك مفارقة، أن التيارات التى ترى أنها قامت بالثورة وشاركت فيها ترى أنها محرومة من ثمارها، أو من المشاركة فى رسم صورة المستقبل، بينما التيارات التى تأخرت خطوة فى المشاركة بالثورة حصلت على الثمار وسلطة تقرير المصير.
هذه المفارقة لايمكن أن يكون الإخوان أو السلفيون وحدهم مسؤولين عنها، حيث لايمكن لومهم على أنهم استخدموا الأدوات المتاحة، بينما تقاعس الثوريون عن المشاركة فى العملية الانتخابية، لأسباب تتعلق بالاستعداد أو الإمكانات أو الرفض للقواعد، ومن خاض منهم الانتخابات حققوا نتائج يمكن البناء عليها.
مفارقة أخرى أن بعض الذين قاطعوا واعترضوا على سوء القواعد القائمة للانتخابات، كانوا ومازالوا يطالبون بالإسراع فى نقل السلطة إلى حكم مدنى، وينتقدون التباطؤ فى الخطوات السياسية من قبل المجلس العسكرى، وهى مفارقة يمكن أن يحسمها الثوريون من خلال إعادة تنظيم صفوفهم فى جماعات ضغط تجمع حولها الرأى العام، أكثر مما يحدث الآن، بما يعنى إعادة تنظيم وإنتاج الغضب بأكثر من رد الفعل، وبحث كيفية دعم مشاركة شباب الثورة فى الانتخابات المحلية التى ستكون محددا للسياسة فى المستقبل.
وعلى عاتق البرلمان، ومن طريقة إدارة الجلسات واللجان يمكن استنتاج مصير الثورة وأهدافها.. أو العودة للمربع صفر.