من يوقف شلالات الدم السورى؟ سؤال أصبح صعبا عويصا لدرجة عجز كل القوى المؤثرة وغير المؤثرة عن الإجابة عنه، رغم أن إجابته سهلة وواضحة على طريقة الطفل الذى رأى الامبراطوار عاريا فكشف عما يراه دون لف أو دوران أو سياسة.
النظام فى دمشق دموى كما يشهد بذلك تاريخه وحاضره، وهو فضلا عن دمويته مستعد للتضحية بالشعب السورى فردا فردا من أجل الاحتفاظ بالسلطة، وفى سبيل ذلك يؤلب فئات المجتمع بعضها ضد البعض، يطلق رجال أمنه فى غارات عنترية تحسب له لو كانت فى اتجاه تحرير الجولان أو الإسكندرونة، كما يهدد فصائل الجيش من العلويين بأن مصيرهم الذبح لو تراخوا فى قتل النساء والشيوخ والأطفال، ويمنح الشبيحة والبلطجية المخصصات المالية الكبيرة فيما يتضور الأهالى جوعا.
ولجنة المراقبة العربية عاجزة عن فعل شىء رغم وجودها فى دمشق، بل إن أعضاءها يتعرضون للاعتداء، ووجودها فى العاصمة السورية أشبه بوجود الرهائن، أو خيال المآتة، لم يمنع قصف حماة وحصار درعا ودخول ريف دمشق بالدبابات، فضلا عن استهداف المتظاهرين بالرصاص الحى.
أما موقف المجتمع الدولى فهو يعبر أفضل تعبير عن الانتهازية السياسية، فمن جانب تعمل روسيا والصين على الدفاع عن نظام بشار بكل قوة حفاظا على لعبة الكبار مع الولايات المتحدة وأوروبا وبحثا عما يمكن أن تساوما عليه، لقاء السماح بالتطويق الكامل لإيران، ولكن من دون أى ضغط يذكر على النظام السورى ليخفف من وتيرة القتل والقمع.
الغريب فى هذا السياق هو أبواق ودكاكين الممانعة الإعلامية العربية التى لا ترى من النظام السورى سوى مواجهته العنترية ظاهريا للضغوط الغربية، وهى تفسر ذلك بمواجهة التدخلات الأجنبية حسب ما جرت عليه عادة التفسيرات القومجية لخطايا الأنظمة الشمولية، كما تعتبر أى لوم أو انتقاد لخطايا هذا النظام نوعا من العمالة للغرب والخيانة للقضايا العروبية، وفى سبيل ذلك تتجاهل شلالات الدم التى تغمر الشوارع فى كثير من المدن السورية الأمر الذى يعود بنا إلى السؤال الذى طرحناه فى البداية، والإجابة: لا أحد للأسف الشديد وبمزيد من المرارة والألم سوى أحرار سوريا بعد دفع الفاتورة الباهظة مقابل التخلص من الحكم الديكتاتورى المقيت.
مشاركة
اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
مشاركة
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة