«ميدانك حصانك.. إن صنته صانك، وصان ثورتك وأهلك ومستقبلك وحريتك»، هذا مايجب أن تفعله اليوم ياصديقى، أن تعود إلى الميدان، تستدعى ذكرياتك معه، وتستدعى روحه التى أسقطت الديكتاتور، بعد أن ظن الناس أنه باق للأبد، وظن هو أنه باق مادام فى قلبه نبض.
لا تصدق هؤلاء الذين يقولون إن النزول إلى الميدان سيحرق مصر، من حق الثورة علينا أن نشعرها بوجودنا، أن نخبرها عبر الميدان، أننا على العهد باقون، وأن طرق الظلم والفساد وتكميم الأفواه أصبح طريقها مسدودا.
من حق الميدان عليك أن تنزل إليه مرة لكى تشكره، والأخرى لأنه تحول إلى درع الشعب، وسيفه تجاه كل من يفكر فى سرقة هذا الوطن، أو توريثه، ومرة ثالثة لأنه المكان الوحيد الذى يمكنك فيه أن ترد للشهداء بعضا من حقوقهم علينا وعلى هذا الوطن.
إنزل إلى الميدان محتفلا أو متظاهرا أو حتى متفرجا، إنزل حتى تكتمل الرسالة التى أردت أن تصل بها إلى مبارك ورموزه، بأن دولة الظلم ساعة، وحتى تبدأ فى كتابة رسالة جديدة لحكام مصر القادمين، أيا كان شكلهم، وأيا كانت قوتهم، تقول فيها: «إن الشعب الذى تعلم أن يخرج مرة من أجل كرامته وحريته، سيبقى دوما على استعداد للخروج مرة وإثنتين وعشرة من أجل هذه الكرامة وتلك الحرية، بعد أن اكتشف لذاذة وحلاوة العيش فى كنفهما».
إنزل إلى الميدان حتى يفهم الرئيس القادم وكبار المسؤولين الجدد، أن للشعب الآن ميدانا يصرخ فيه فى وجه الظالمين، وأن أى ضربة على خد المواطن المصرى الأيسر، سينزل إلى الميدان ليردها بقوة تسحب الكراسى من تحت الجالسين فوقها.
لا تشغل نفسك بالمعركة الدائرة حول ذكرى 25 يناير، هل نحتفل بها، أم نشعلها ثورة ثانية، كن كما مصر.. وسطيا ومعتدلا، لا تحتفل على طريقة تليفزيون عصر مبارك بالغناء والرقص فى أوبريتات سخيفة، ولا تتظاهر على طريقة من يخلق وحشا وعدوا من عدم، ويسعى لتفجيره، فيكتشف أن نار التفجير لم تدمر أحدا سواه.
كن وسطيا كما مصر ياصديقى.. وإنزل إلى الميدان محتفلا بذكرى تعلم المصريين السير، بعيدا عن «ضل الحيط»، وهاتفا بأن ثورتك مستمرة، حتى ترى مصر فى مكانها الطبيعى بين دول العالم، ثورتك فى مواجهة الظلم، وفى العمل، وفى الإنتاج، وفى التطور، وفى التعليم.. وفى كل شىء.
إنزل إلى الميدان ولا تستمع إلى هؤلاء الذين يريدونها احتفالية غنائية، حتى يضمنوا الحفاظ على مكاسبهم، ولا إلى أولئك الذين يريدونها نارا ودمارا، لأنهم اكتشفوا أن وجودهم على الساحة مربوط بالهتافات والصراخ فقط، بعد فشلهم فى تحقيق نجاح على المستوى السياسى.
إنزل إلى الميدان وتذكر ماكتبته هنا فى نفس أوراق تلك الصحيفة، ليلة 24 يناير قائلا: «أنا من أبناء هذا الجيل الذى لم تنجح كل مساحيق غسيل الأدمغة.. فى إزالة بقع الشجاعة والحرية والتمرد من خلايا مخه، وجنبات قلبه.. ويمكنك أن تعرف أسماء جيلنا نفراً نفراً، إذا ذهبت إلى السجل المدنى، فنحن لا نخاف أو على الأقل أكثرنا لايخافون، بدليل وجودهم فى الشوارع داخل كل تظاهرة، وفى صفوف كل مسيرة».
أنا فخور بصحبتكم يا أبناء العشرينيات، فخور بالانتماء إلى تلك المرحلة العمرية، فخور بما أراه منكم على المنتديات والفيس بوك وفى الشوارع، رغم كل الملاحظات، ورغم كل الأخطاء.. فخور لأن التاريخ لم يذكر أبدا أن جيلا من البشر استطاع أن يتحمل لمدة 30 سنة وأكثر، الطعن بحقن يومية بفيروس «نعم» على طول الخط، فكبر واشتد عوده، وهو يقول «لا»، دون أن يحصل على أى علاج مضاد!.. كل سنة والثورة طيبة.. كل عام ومصر بتمشى خطوة إلى الأمام.. وتذكروا دوما أن فى الميدان كل الأحلام.. وهذا هو المهم!!
مشاركة
اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
مشاركة
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة