لا يكفى أن يبقى عضو البرلمان فى دائرة المطالبة والشعارات، بينما هو جزء من السلطة، عليه أن يسعى لتحويل مطالب المواطنين والمجتمع إلى قوانين وتشريعات لإقرارها. بعد دعمها بأغلبية تؤيدها. وألا يكتفى بدور المطالب أو رفع الشعارات. ولا يمكن تصور بقاء النائب فى حالة المطالبة لأنه حامل للمطالب وجزء من السلطة.
وهناك معضلة يواجهها بعض النواب الذين فازوا فى الانتخابات ودخلوا البرلمان، أنهم كانوا ينتمون للميدان ومطالبه، ويريدون البرهنة على أنهم لم يتغيروا. وفى نفس الوقت يفترض أن يقدموا لناخبيهم مبررات انتخابهم وأنهم كانوا الاختيار الصحيح. ويواجهون نوعا من الحيرة، فى الانتقال من الثورة للسياسة، من دون الإخلال بأى من هذه العناصر. بعضهم يقع فى حالة من المداهنة الخطابية تفقدهم قدرتهم البرلمانية، أو يندمجون فى معادلة السلطة فيفقدون الميدان. ويصبحون نوابا للرقص على السلم. ما لم يحسموا اختيارهم ويحكموا ضمائرهم. ونظن أن هذا الصراع وراء بعض التصرفات الصبيانية التى يتبعها نواب «الشو» فى محاولة للبقاء فى دائرة الضوء، وهى تصرفات لم تنجِهم من الاتهام بالانتهازية. لقد وجدنا أنفسنا فى الجلسة الإجرائية أمام بعض التصرفات الصبيانية من نواب جدد، نراهن على أنهم ربما يتجاوزون هذه الحالة إلى خانة الفعل. ويحتاجون إلى تعديل رهاناتهم بسرعة، للعمل وليس للاستعراض. لأن الاستمرار فى حالة الاستعراض سوف يحصرهم فى خانة «التوك شو». ثم إنهم يسعون لنفى الانتهازية، بينما هم يمارسونها بشكل واضح. والفرق واضح بين الصبيانية والعمل الحقيقى، وقد رأينا الفرق بين ما طرحه نائب مخضرم مثل أكرم الشاعر حول الشهداء، وما طالب به عمرو حمزاوى ومطالبته بلجنة تقصى حقائق للتحقيق فى الاعتداء على المتظاهرين. النائب أكرم الشاعر لم يتاجر بابنه، جريح الثورة، وتحدث بشكل مؤثر حول الشهداء وحقوقهم، وتم طرح طلب المحاكمة السياسية لمبارك ونظامه. وهى خطوة يمكن للبرلمان إنجازها. فى المقابل تصرف نواب بانتهازية أو صبيانية داخل البرلمان بهدف المزايدة. وهذا هو الفرق بين نائب يتحرك بضميره، ومشروع انتهازى يتحرك بغريزة يخفيها داخل المزايدة.
السلطة التشريعية، مهمتها تحديد الحقوق والواجبات. وهذا البرلمان تقع عليه مهمة اختيار لجنة تأسيسية لوضع الدستور، والخطوط التى يفترض أن يتم التوافق عليها فى الدستور. وأن يسعوا لحل معضلة انتخاب رئيس قبل وضع الدستور، الذى يحدد صلاحياته. وهى أسئلة يفترض أن يسعى البرلمان لحلها، وأن يسعى لحوار بين الثوار والمجلس العسكرى والحكومة لتحديد الأولويات.
كل هذا يحتاج لنواب يكونون قادرين على تفهم الأولويات، ويدركون أن الخطأ فى تحديد الأولويات كان سببا فى الارتباك السياسى خلال عام.
لقد أصبح البرلمان هو السلطة المنتخبة الوحيدة، وعليها عبء السعى لمواجهة المشكلات المتراكمة، بضمير الثورة وليس بانتهازية السياسة.