«فهمتكم» كلمة السر الأهم فى الثورة العربية، بدأت فى تونس واستمرت فى مصر. ومازالت هى أيضا كلمة السر فى الذكرى الثانية لثورة 25 يناير.
فهمتكم قالها الرئيس التونسى المخلوع زين العابدين بن على، لكنه فهم متأخرا. وظل مبارك ونظامه يقولون لسنا تونس وعندما « فهمها»، كان الوقت فات. وبقى القذافى عاجزا عن الفهم، وعندما فهم «قتل».
سقطت الأنظمة المتسلطة التى فهمت بعد فوات الأوان. هرب بن على، وتنحى مبارك، وقتل القذافى. أما على عبد الله صالح ديكتاتور اليمن، فقد حاول المناورة وفهم وتنحى بعد صفقة خليجية. وما زال بشار يعانى من سوء الفهم.
لم يكن مجرد سوء فهم، لكنه سوء إدارة، وسوء نية، وقمع واعتقالات، وخلط بين السلطة والثروة، وفساد، ونهب منظم، وتزوير للانتخابات. لو كان المتسلطون يفهمون ما واصلوا الحكم، وربما لتغيرت أشياء كثيرة، وما لبثت الشعوب العربية فى العذاب المهين.
سقطت الأنظمة، ولم ينته سوء الفهم، انقسم الجميع حول الأولويات والأهداف، وتفرق اليمين واليسار، من خاض الانتخابات وفاز، ومن بقى يحمل المطالب والشعارات، المجلس العسكرى يقول إنه «يفهم» مايريده الشعب، وما تريده الثورة، وبعض ممثلى الثورة يردون بأن المجلس لم يفهم بعد، الإخوان فازوا فى انتخابات ديمقراطية منحتهم السلطة التشريعية.
مازلنا نحتاج إلى أن يقول للآخرين «فهمتكم».. تحتاج الأحزاب إلى أن تفهم مايريده الشارع، وتحتاج بعض ائتلافات الثورة لإعلان تفهمها للمختلفين معها، وعلى الإخوان ألا يعتبروا الأغلبية تمنحهم حق فرض رأيهم، بل ترجمة ما يريده الشعب، وأن يتفهموا ما يريده المواطنون.
وأن يعرف كل تيار أن مهمته ليست إقناع مؤيديه، بل إقناع المختلفين معه. على المجلس العسكرى أن يسعى لتفهم حجم التحول فى الحركة الشعبية، وشكل السلطة فى مصر والعالم. حيث لا يمكن لفرد أو تيار أن ينفرد وحده بالسلطة. وعلى الثورة أن تتفهم الأغلبية الصامتة. وعلى الأغلبية، أن تتفهم أن تحركات الطليعة من أجل مطالب الثورة فى الحرية والعدالة والمساواة. سقط ديكتاتورات لم يفهموا. ومازلنا بعد عام من الثورة، نحتاج كلمة السر «فهمتكم»، بين الثورة، والدولة والشعب.