فى يوم السبت الماضى نشرت المواقع والبرامج الليلية خبر اعتصام عدد من العاملين فى قناة النيل للأخبار أمام مكتب وزير الإعلام بسبب الإصرار على عرض فيلم تسجيلى من إنتاج القناة بعنوان «اسمى ميدان التحرير» والذى كان مقررًا عرضه يوم 25 يناير كما صرح رئيس قطاع الأخبار منذ فترة، ولكن العاملين فى القناة كما أكدوا فى اتصالات تليفونية لبرامج مسائية اتفقوا على ضرورة عرضه يوم 23 يناير، ولذلك كان اعتصامهم، وأيضًا لأنهم يطالبون بانفصال قناة النيل للأخبار عن قطاع الأخبار.
أما المطلب الأخير، وهو الانفصال عن قطاع الأخبار، فهذا مطلب داخلى وخاص بتنسيق العمل فى مبنى ماسبيرو، ولا شأن لنا به، ولكن ما أظن أنه حق لنا وللعامة أن نتوقف أمام الفيلم الذى اعتصم بعض من أهل ماسبيرو رغبة فى عرضه قبل يومين من الموعد المحدد له من قبل المسؤولين.
الفيلم أخرجه وكتب له السيناريو على الجهينى، وهو تسجيلى يحكى قصة الغضب المصرى الذى ظل يكبر إلى أن انتهى فى التحرير يوم 25 يناير منذ عام مضى، وكم من أفلام أنتجها كثير من المحطات العربية وحتى المحلية وغيرها من الهواة عن ثورة مصر وأسبابها، إذًا نحن أمام موضوع لفيلم ليس بجديد.
ولكنى تصورت مخطئة أنه حين يتصدى العاملون فى قناة النيل للأخبار بما يملكون من أرشيف كبير ربما يعز على غيرهم امتلاكه، أنهم سيقدمون صورة وفكرًا مضافًا لموضوع ليس بجديد، ولكن الفيلم للحق منتج فقير فى الصورة والفكر مقارنة بما قدمته المحطات الأخرى، لم يلجأ إلى شهود عيان أو شخصيات متنوعة لتحكى عن واقع، ولكنه اكتفى بصوت التعليق الذى استخدمه المخرج فى غير محله أحيانًا، وهناك كثير من نقاط الضعف فى بناء الفيلم.
ورغم إدراكى بأن العاملين فى التليفزيون المصرى يعملون فى ظروف ربما أصعب من غيرهم فى قنوات أخرى، فإننى لم أكن أتمنى أن يقيموا الدنيا ويقعدوها من أجل عرض فيلم تسجيلى قبل موعده المحدد بيومين، ويتبادلوا التهانى والفخر حين يتم عرضه، ليس فقط لأن الفيلم ضعيف المستوى الفنى ولكن لأنهم باعتصامهم يجعلون مشاهد الفيلم رغمًا عنه يتساءل عما تمخض عنه اعتصام لم يسفر إلا عن «اسمى ميدان التحرير».
هناك حقيقة لا يدركها الكثيرون أو ربما يدركونها ولكنهم يتغاضون عنها، وهى أنه لا يكفى أن تتحدث عن الثورة بفخر لتكون خطاياك مغفورة، ولا يكفيك أن تتحدث فى الدين لتكون وكيلاً لله فى الأرض، كما لا يكفيك أن تقول: «أحلى من الشرف مفيش» لتكون متوجًا به، وبالتالى لا يكفى ثوار ماسبيرو أن يعتصموا ويطلقوا على فيلمهم «اسمى التحرير» لنصفق لهم.