مرت الذكرى الأولى للثورة على خير، والشكر كله لشعب مصر العظيم الذى لم تفزعه مخططات المجلس العسكرى، ولا أفلام الداخلية عن الوحوش التى ستظهر يوم 25 يناير فتحرق الأرض، وأظن أنه على الداخلية والمجلس أن يحترما الرأى العام الذى كان أنضج منهما، واكتشف أن كل هذه التفزيعات الغبية كانت بهدف الترويع والتخويف والترهيب من أجل إفشال اليوم وتحجيم المشاركة فيه، ورد على تجار الخوف وخططهم الموضوعة لتخريب الثورة وإطفاء الروح الثورية الراغبة فى تطهير مصر من مبارك وأولاده المنتشرين كأذناب العقارب.
كان اليوم جميلا ومبهرا، وكان المصريون فى ميدان التحرير يرتدون أقنعة صور الشهداء ليذكرونا بأنهم أحياء يراقبوننا ويطالبوننا بحق إخوانهم فى الحياة الكريمة، وكان هذا أبلغ رد على من اتهم الثوار بأنهم سيرتدون قناع «فينديتا» بحسب الرواية الأناركية أو «بانديتا» بحسب الرواية الإخوانية، وسيخربون البلد ويشعلونها، ولنا الآن بعد أن مر اليوم بسلام وأمان أن نتوقف عند مفهوم الأناركية التى تعنى فى الأساس «اللاسلطوية»، وهناك نوعان من «اللاسلطوية» الأول يتخذ من العنف سبيلا للرد على عنف السلطة، مثال ذلك ما اتبعه الشيوعى الإيطالى «اريكو مالاتيستا» والثانى لا سلطوية سلمية وأشهر أمثلتها نضال المجاهد الهندى «المهاتما غاندى» وإذا كان شعار الثورة المصرية الأول هو «السلمية» فمن العبث والجهل والإغراض أن يصور البعض أن ثورتنا عنيفة أو أن البعض يريد أن يتنازل عن سلميتها، وحتى إن نادى بعض متطرفى الثورة بالعنف فإنهم سرعان ما يردعهم الثوار الذين اختاروا أن تصبح ثورتهم «ثورة الصوت العالى والصدر العارى».
قد تكون محاولات تشويه الثورة والوقوف أمام تطهير مؤسسات الدولة مفهومة حينما تصدر من أعداء الثورة ومن ساندهم فى المؤسسات الرسمية، لكن ما لا أفهمه هو تصدر بعض من يحسبون أنفسهم على التيار الإسلامى أمام هذا المسعى، فهم من ناحية يعترفون بأن الفساد انتشر فى عهد مبارك ومازال منتشرا حتى الآن، ومع ذلك فهم لا يريدون تطهير البلاد ولا استعجال نقل السلطة، وإنى لأتعجب كيف يقولون هذا وهم يدعون أنهم يقرأون القرآن ليل نهار، ويذخر القرآن الكريم بعشرات الآيات التى تنادى بتطهير البلاد التى انتشر فيها الفساد، ويقول رب العزة «وإذا أردنا أن نهلك قرية أمرنا مترفيها ففسقوا فيها فحق عليها القول فدمرناها تدميرا» ويقول جل وعلا «ألم تَرَ كَيْفَ فَعَلَ رَبُّكَ بِعَادٍ إِرَمَ ذَاتِ الْعِمَادِ الَّتِى لَمْ يُخْلَقْ مِثْلُهَا فِى الْبِلَادِ وَثَمُودَ الَّذِينَ جَابُوا الصَّخْرَ بِالْوَادِ وَفِرْعَوْنَ ذِى الْأَوْتَادِ الَّذِينَ طَغَوْا فِى الْبِلَادِ فَأَكْثَرُوا فِيهَا الْفَسَادَ فَصَبَّ عَلَيْهِمْ رَبُّكَ سَوْطَ عَذَابٍ» حقا «إن ربك بالمرصاد».
مشاركة
اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
مشاركة
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة