بقدر ما تبدو الثورة وأهدافها واضحة يبدو الطريق إليها غير واضح.. الاختلاف وارد، والأهم كيفية إدارة هذه الخلافات، وهو أمر لم يتحقق وسط أفراد وتيارات كل منها ينفرد برأيه حتى لو كان ينتقد انفراد الآخرين بالرأى.. نحن أمام سلطة هی الوحيدة المنتخبة فی مجلس الشعب، ومعها المجلس العسكری الذی مازال يمسك بالسلطة التنفيذية، والسلطات الرئاسية، ويقول إنه ينتظر مجلس الشورى لفتح باب انتخاب الرئيس فی أبريل تزامنا مع كتابة دستور ليسلم السلطات وينصرف.
وهو ما يرفضه بعض المتحدثين باسم الثورة، ويطالبون المجلس العسكری بتسليم السلطة فورا، وهنا السؤال: لمن يسلم المجلس العسكری السلطة؟ البعض يطلب من المجلس تسليم رئاسة الدولة لرئيس البرلمان، وهو مطلب يرفضه من يرون أن البرلمان فی هذه الحالة بأغلبيته من الإخوان والسلفيين سيجمع السلطات التشريعية والتنفيذية فی غياب دستور، بما يقود إلى خلط يؤثر فی صياغة الدستور.
المجلس العسكری قال إنه سيتم فتح باب الانتخابات الرئاسية فی أبريل، تزامنا مع اختيار اللجنة التأسيسية للدستور، وهنا خلاف بين من يرى أن انتخاب رئيس قبل الدستور يجعله رئيسا بلا صلاحيات واضحة، كما يؤثر على شكل الدستور القادم ومدنية الدولة.
المستشار طارق البشری رئيس اللجنة التی صاغت الإعلان الدستوری يبرر جعل انتخاب الرئيس فی فترة إعداد الدستور الجديد وليس بعدها بأن انتخاب الرئيس بعد الدستور يجعل إعداد الدستور فی ظل وجود المجلس العسكرى، بما لا ينسجم مع التصور الديمقراطی الذی يوجب إعداد الدستور فی ظل سلطة تشريعية أو تنفيذية ومؤسسات ديمقراطية منتخبة، وهو ما أوجبه الاستفتاء والإعلان الدستورى.
لكن الدكتور إبراهيم درويش الفقيه الدستوری يرد بأن جعل انتخابات البرلمان والرئيس قبل الدستور كانت خطأ، وأن الدستور كان يجب أن يكون أولا لأنه هو الذی ينشئ السلطات ويحدد الصلاحيات.
اقتراح آخر بتشكيل مجلس رئاسی مؤقت يدير باقی المرحلة الانتقالية، ومثله اقتراح الدكتور محمد البرادعی على تويتر بانتخاب رئيس مؤقت من مجلس الشعب، يتبعه تشكيل لجنة وضع الدستور، يليه انتخاب برلمان على أساس الدستور الجديد.
اقتراح البرادعی جاء بعد انسحابه من سباق انتخابات الرئاسة لا يختلف كثيرا عن تسليم السلطة لرئيس البرلمان، ويطلب انتخاب برلمان جديد بعد الدستور، ويتضمن إجراء عدة انتخابات فی عام واحد، ويلغی حق البرلمان المنتخب بإرادة شعبية هو يشبه ما فعلته تونس، ولا يضع فی الاعتبار خلافات قد تعرقل التوافق على رئيس مؤقت.
وهكذا الاقتراحات كثيرة والأصعب هو التوافق، وقد أخطا المجلس العسكری فی إدارة الاختلاف، والسياسيون «والائتلافيون» أخطأوا أيضا، ومازالوا يقفون عند نقطة البداية.
الخلافات ليست حول الدستور والرئيس، بل هی بين رغبات متعارضة.. وغياب فن إدارة التناقضات، وهو دور وضلع ناقص لم يظهر صاحبه بعد.
مشاركة
اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
مشاركة
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة