الثورات لا ترفع شعارات التخوين، ولا ترفع الأحذية، ولا تتداول فيها الشتائم، ولا يوظف فيها الدين فى خلافات أو خصومات فكرية أو سياسية.
الثورات تجمع ولا تفرق، توحد ولا تبدد، ترفع رايات الوحدة وأعلام النصر وليس النعال، تلقى بالبشارة وليس بالزجاجات الفارغة.
فالميدان الذى وحد الصفوف وتماهت فيه كل الشعارات فى شعار واحد وامتزجت فيه دماء كل المصريين لا يمكن أن يكون ميدان للفرقة بين الفصائل والأحزاب السياسية أو الحركات والقوى الثورية، فمنطق التخوين إذا دخل من أبواب الثورة هربت قيمها النبيلة وأهدافها الإنسانية من نوافذها، ومنحت عوامل التشتت والفرقة والفشل الفرصة.
رفع الأحذية فى وجه الإخوان فى ميدان التحرير يوم الجمعة وما تبعه من صلاه عصر أمس الأول والدعاء عليهم فى الصلاة بأن يشتت الله جمعهم ويفرق شملهم كان سقطة ثورية وتصرف لا أخلاقى، مهما كانت الأسباب التى أدت إلى ذلك من جانب منصة الجماعة وحزبها، ففى مجمله هو خلاف فى الرؤى السياسة لم يكن يستدعى رفع شعارات التخوين والأحذية فى وجه فصيل وطنى ساهم بقدر فى نجاح هذه الثورة رغم خلافاتنا الفكرية والسياسية الكثيرة معه، لكن الخلاف لا يعنى إعادة إنتاج نفس المرض السياسى اللعين لتيارات اليسار فى الماضى التى أصابها داء «التخوين» فتفرقت وفشلت وذهب ريحها، ولا يعنى محاولة إقصاء طرف وإلغائه من المشهد السياسى لمجرد الاختلاف فى وجهات النظر والموقف من مسألة تسليم السلطة، وإلا فإننا نكون استبدلنا استبداد النظام السابق وديكتاتوريته بديكتاتورية جديدة بغيضة، وهذا ما لا نرضاه ولا نريده من ثورتنا وثوارنا.
لا نريد أن تخلق أو تصنع الثورة أعداء بل حلفاء وأصدقاء إذا كنا نريد أن تستمر الثورة.
المعارك الجانبية الآن مع حزب أو تيار جاء إلى البرلمان بالشرعية الديمقراطية وعبر صناديق الانتخابات ليس فى صالح الميدان الذى هو للجميع وليس حكراً على أحد، لكل الآراء والتيارات وليس احتكاراً لرأى واحد، فالأهداف واحدة لتحقيق مطالب الثورة وإن اختلفت الآراء فى كيفية تحقيقها.
وهنا لا أدافع عن الإخوان، ولكنى أدافع عن حرية الرأى والاختلاف واحترام الديمقراطية.