هل تعرف لماذا يضحك حبيب العادلى وتملأ الابتسامة وجهه وتضىء عيناه بسخرية لاذعة لا تليق إلا بالسفاح عندما يجد نفسه أمام عدسات المصورين، لا أعتقد أنك سألت نفسك هذا السؤال بقدر ما يقتلك الغيظ من تلك الابتسامة دون البحث عن سببها، هل تعجبت أيضا من وصف محاميه وهو يصف الثورة بأنها «خناقة» كبيرة، لعلك تعجبت لكنك اعتبرتها من جملة الفرقعات التى يطلقها المحامون فى المحاكم، كما فعلها فريد الديب من قبل.. هل أنت حائر بين يقينك بأن من ماتوا جميعهم شهداء، وبين ما تعتبره أنت حكما قد يحمل العدل فى أحد جوانبه بتبرئة ضباط شرطة من تهم قتل المتظاهرين؟
نحن- يا صديقى- ضعاف الذاكرة وحاستنا للنقد سطحية تكاد تكون أبهت من الورق الذى يكتب عليه أعضاء المجلس العسكرى بياناتهم، لأننا لم نستطع الإجابة عن أسئلة أكبر وأهم، لماذا حادت ثورتنا فى بعض مراحلها عن السلمية، ولماذا تركناها أصلا لمن قالوا عنهم إنهم أطفال شوارع وبلطجية، واختفت الوجوه التى كنا نعقد عليها الأمل فى أن تظل تتحدث باسم الثورة، حتى من أصبحوا يتحدثون باسمها أساؤوا لها أكثر مما أحسنوا بألفاظ لا تليق بأشخاص يرغبون فى قيادة التغيير، لماذا تركنا نوارة نجم وعلياء المهدى وعلاء الأسوانى يتحدثون عن الثورة وكأنهم هم فقط من جاءوا بمبارك من القصر ورموه ذليلا فى المركز الطبى العالمى، لماذا يصرخ الثوار فى مجند ضعيف جاء من أقصى الصعيد ليؤدى خدمة للوطن ونشتمه بأنه «خائن» حتى يبكى؟ هل تنتظرون منه أن يحب الثورة والثوار، لماذا تمادى بعضنا فى عناد رغبة الهدم دون أن يضع بديلا واحدا للبناء، كيف تريدون من الناس أن يصدقوا الثورة ويحبوها، وأنتم تكتسبون كل يوم عدوا جديدا من الشعب، بعضكم بغبائه والآخر بتعاليه عليهم وثالث بمعاركه مع توفيق عكاشة ومرتضى منصور؟
الثورة مستمرة.. نعم، يسقط حكم العسكر.. بالتأكيد، لكن كيف سيحدث هذا ونحن أشبعنا الإخوان والسلفيين نقدا قد يرقى لحد التجريح فى بعض الأحيان، إعلانا عن رفضنا لتسلقهم السلطة على أكتاف من ماتوا تحت المدرعات، ثم نأتى بعد ذلك لنسلمهم السلطة من المجلس العسكرى، ومن ثم ندخل معهم فى شجار حول تسلطهم فى تشكيل الدستور، ونبحث عن الطرف الثالث الذى يسرق من طبق الثورة.. كن منصفا يا صديقى واعلم أن من أبناء الثورة من هم أعداء لها أكثر من الفلول.. ولهذا يضحك حبيب العادلى.