عمرو جاد

عقول البغال

الأربعاء، 04 يناير 2012 04:01 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
فى بيئة التشدد لا يجد العقل مكانا يتحرك فيه إلا بقدر ما يقوده الغباء إلى حتف صاحبه، أو هكذا أظن، ففى إيران تخلع الفتيات حجابها عندما تدخل للطائرة فى رحلة خارج البلاد وتتحول بعض البيوت إلى خنادق للمجون والانحلال لمجرد أن بعضهم يطارد الناس فى الشارع ليفتش فى ضمائرهم ويقلب محتويات ضمائرهم بحثا عن كبيرة ارتكبت، أوعن زينة يخفيها «الشادور»، وينتهى بهم الأمر إلى فيديوهات فضائحية يتناقلها الإنترنت لحفلات داخل المنازل تنزع عن المواطن حياءه وتعطى السلطة الدينية على قفاه، وفى السعودية يتفاخر الأغنياء بأن بلدهم آمن مطمئن لأنه يطبق الشريعة، فتجبى إليه ثمرات الأرض من كل فج عميق، بينما يفقد الواحد منهم عقله ويتخلى عن هيبته بمجرد أن تضع بغلته قدميها فى جامعة الدول العربية أو مصر الجديدة أو دبى، فيتحول الشيخ الوقور إلى فتى عابث يطارد السيدات ويبحث عن المتعة تحت كل حجر، إلى أن يقوده الاستهتار إلى فضيحة أخلاقية لا يمحوها إلا تدخل سفارة بلاده لدى السلطات.

نحن فى مصر لا نريد أن يحدث هذا، رغم كل ما نعيشه من مفاهيم مغلوطة، فالحرية لا تتحدد بمقدار ما تنزعه من ملابس أو ترتكبه من محرمات ولكن الهدف الأسمى منها أن تترك لعقلك مساحة الاختيار فيتبعه قلبك عن يقين واقتناع بعيدا عن الهوى، فإذا كانت خرافة «هيئة الأمر بالمعروف والنهى عن المنكر» تريد أن تصنع نسخة مصرية، فبشرى لها بالخزى والانهزام، لأن من يرتضون سلوكاً مثل هذا، هم قوم لا يعقلون، لأن الله، جل وعلا، دلنا على الطريق المستقيم ومنحنا حرية الوقوع فى الخطأ لندرك لذة التوبة، والأحرار فقط هم من يدركون قيمة العقل ولا يمنحون العصمة لكل جاهل غارق فى ضلاله، بعد أن اختص بها رب العزة الأنبياء وحدهم دون بقية البشر.

سيهرول السياسيون لكى يحذروا من عواقب تشكيل هيئة كهذه فى مصر، وسيسارع أيضا أبناء التيار الإسلامى لكى يتبرأوا من الدعوة لهذه الفكرة، لكن ما يدريك لعل الأنفس تحمل أكثر مما تبدى الوجوه، ألم تسمع أبدا سائق تاكسى يشكو لك سوء الأخلاق فى الشارع ويتمنى وجود هيئة كهذه؟!.. لكن بمجرد أن تطلب منه إطفاء السيجارة تنقلب سحنته ويعطيك درساً فى الحريات العامة؟!، عليك فقط أن تستيقن أن ظن هؤلاء المتطرفين بأنهم على صواب سيورث الناس نفاقا فى قلوبهم أكثر مما تحمل من هموم.. وهو الوزر الأكبر الذى سنتركه للأجيال القادمة.








مشاركة

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة