باستثناء الفرجة لم نكسب شيئا من محاكمة مبارك وأعوانه، حتى الفرجة مع التكرار تفقد معناها.. هل نظل نتفرج فى الصباح ونواصل الفرجة فى التوك شو ونصحو على براءة المتهمين أو أحكام مخففة؟
قلنا من البداية - ومازلنا - إن محاكمة مبارك وأبنائه ووزير الداخلية حبيب العادلى سوف تتحول إلى فرجة وليس إلى خطوة للأمام، وطالبنا بمحاكمة سياسية وليس مجرد استعراضات قانونية، محاكمة يكون الشق الجنائى جزءا منها لنظام أفسد الحياة السياسية وزور الانتخابات وقتل المواطنين بالأمراض وسهل احتكار السلطة والثروة.. ما نراه حتى الآن مجرد فرجة وعروض أزياء وكاميرات ومظاهرات مؤيدة ومطالبة، وتتقلص مساحة الفرجة فى كل مرة، وتصغر أمام ما يجب أن تكون عليه محاكمة لعصر امتد ثلاثين عاما، توقفت المحاكمة شهورا بسبب رغبة بعض محامى المدعين بالحق المدنى فى رد المحكمة، وتم رفض الرد لتعود القضية إلى المربع الأول.
وأمام حيل المدعين نتوقع حيلا للدفاع ضمن سجال قانونى معروف وإجراءات وإجراءت مضادة واستعراضات، والرابح المؤكد من كل هذا هم المحامون، ولا يمكن توقع نتائج ضخمة.
ليس فى هذا تشكيك فى المحكمة، وإنما بطبيعة الحال والسياق العام لمحاكمة جنائية، مع العجز عن تقديم أدلة أو إثبات صدور قرارات بالقتل من مبارك أو العادلى، المحاكمة كانت يجب أن تصبح محاكمة عن تزوير وتسهيل الاحتكار، ولا نعرف ما هو مصير الأموال والأراضى التى حصل عليها المقربون، وكيف يمكن استعادة كل هذا.
البعض يرسم سيناريوهات كبرى ويقدم وعودا بالكثير من وراء المحاكمة، بينما الاتجاه الحالى يدفع نحو تقزيم الأمر واختصاره فى قضية قتل أو إفراط فى استخدام القوة، موزع بين عدد كبير من المتهمين، ولدينا الحكم فى قتل متظاهرين أمام الأقسام والمراكز، ومنها قسم السيدة الذى صدر فيه حكم بالبراءة، المحكمة اعتبرت الضباط والجنود فى حالة دفاع شرعى فى مواجهة الهجوم على الأقسام، المحاكم قضت بما رأته من أدلة وشهود، وهو ما أغضب البعض، وكأننا نريد أحكاما وليس عدالة، وما تزال عمليات اقتحام وحرق الأقسام غامضة تخلو من أدلة أو تحديد للمتهمين، ولغز يمثل حله جزءا من حل اللغز الأكبر.
المحاكمة السياسية ليست محاكمة استثنائية، لكن محاكمة تتاح لها كل الضمانات لتكشف الأخطاء والجرائم، وكيف كانت تدار البلاد، وكيف وصلنا إلى الاحتكار السياسى والاقتصادى، وكيف يمكننا استعادة الأموال المنهوبة، ومحاسبة مبارك وسرور وصفوت وزكريا وعز وجمال على التزوير والاحتكار والإفساد السياسى الذى نعانى منه.
الهدف من المحاكمة ليس الانتقام أو التشفى ولا الفرجة، لكن تحقيق العدالة ومحاسبة مبارك ونظامه وكل من أجرم فى حق البلد سياسيا واقتصاديا وجنائيا، لكن يبدو أن البعض أصبح يستمتع بالفرجة أكثر مما يبحث عن الحقيقة.