وصفة سهلة.. احضر بعض الأخبار والتقارير العلنية، وأضف إليها خلطة الهمبورجر، وامنحها اسم «سرى» وقل عليها وثائق، وانسبها إلى «ويكيليكس»، ووجهها إلى ظهر خصمك لتحوله إلى أمثولة، طريقة مضمونة لجذب هواة النميمة، وإثارة الفزع والبغضاء.
ويكيليكس كانت حدوتة وانتهت، ومن البداية مشمومة، لاتخلو من شغل استخبارات قليل من السرى، وكثير من الهجص، لكنها تحولت إلى شماعة وكل «مزنوق» فى قصص، يخترعها وينسبها لويكيليكس ليوجهها لضرب الخصوم والانتقام والتشفى وإثارة البغضاء.
وبعض الزملاء فى الصحافة والإعلام أفرطوا كثيرا فى تعاطى ويكيليكس، بالرغم من أن وثائقها المزعومة لم تكن تحتوى جديدا، وبعضها كان خليطا من أخبار من الصحف وتقارير نشرت فى وقتها عن لقاءات علنية، بين مسؤول أمريكى وآخر مصرى يحولاه إلى لقاء سرى.
نقول هذا بمناسبة التقرير المنسوب لويكيليكس والذى نشرته صحيفة زميلة، قالت إنه يشمل أسماء الذين حصلوا على التمويل الأمريكى، استنادا إلى وثائق سرية سربها ويكيليكس ، وتتضمن كل من زار أو التقى مسؤولا أمريكيا واعتبره ممن يتمولون من أمريكا. الزملاء قالوا إن وكالة «كلوبامية» حصلت عليه، وهذه الوكالات تعيد ضرب أخبار وتقارير فى الخلاط وتبيعها لمحترفى استهلاك النميمة.
الزملاء يريدون «مسح أيديهم» فينسبوها لوكالة «مش عارف إيه» التى تنسبها إلى ويكيليكس. بصرف النظر عن المنطق وارتباك المعلومات.. الهدف هو الإساءة والإيحاء بالعمالة، وإذا عدت إلى تقرير ويكيليكس ـ الذى هو نفسه إعادة تجميع لأخبار سبق نشرها- تجد حديثا عن لقاءات ومقابلات وأنشطة، أو حد رايح ياخد تأشيرة لايوجد ذكر للتمويل أو الفلوس، لكن طباخ التقرير قال إنها أسماء من يحصلون على تمويل ووضع الشامى مع المغربى، والسياسى مع الصحفى مع البرلمانى، والإخوانى مع الليبرالى إلى آخره والمتمول مع المتجول.
الرهان هنا على ضعف الذاكرة ومداعبة غدد النميمة لدى قطاع كبير جدا من المحللين والمحرمين، وكثيرا ما نرى بعض من يعينون محللين استراتيجيين وهم يعتمدون على مثل هذه التقارير المشمومة، رغم كونها تبدو مضروبة من أول لحظة، ويسندون بها تحليلاتهم دون أى شعور بالذنب، وهو فى جزء منه ينتمى إلى عقد الخواجة، فنحن لانحتاج إلى ويكيليكس لتقول لنا إن مبارك ونظامه كانوا فاسدين، ولا يفترض أن ننتظر «ويكيليكس» لتخبرنا عن الاحتكار وتزوير الانتخابات، وعلاقات النظام المنصرم بالإدارة الأمريكية وتبعيته لها. نحن لانحتاج ويكيليكس، ولا وكالة كلوبامية، لأن كل شىء ظاهر.
ويكيليكس لم تعد تقدم جديدا وتعيد ضرب الأخبار فى الخلاط، وحتى إذا لم يكن هناك ويكيليكس لاخترعناه، لكن مستخدمى ويكيليكس، لايدركون أنهم يلعبون بسلاح يمكن أن يستخدم ضدهم، وعلى المقيمين فى ويكيليكس مراعاة فروق التهجيص.