كمال حبيب

الإسلاميون بين القديم والجديد

السبت، 07 يناير 2012 04:12 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
التجديد هو أحد أهم المطالب الكبرى للإسلاميين القادمين إلى سدة الحكم فى مصر، ولعل هذا الصعود الإسلامى يكون هو نفسه إحدى علامات إمكانية التجديد الذى يمثل تحديا للعقل المسلم منذ سقوط الخلافة.

وأقول إن التجديد الرئيسى الذى يحتاجه الإسلاميون اليوم هو بالأساس فى عالم النظم السياسية وإمكان غرس بذور النهضة للمصريين الذين منحوهم أصواتهم فى الانتخابات لينظروا كيف يفعلون.

والمشكلة أن العقل المسلم فى المسألة السياسية لديه نموذج سياسى قديم هو «الخلافة»، وبالطبيعة لأن مرحلة الخلفاء الراشدين كانت التعبير الأسمى عن النموذج الإسلامى فهو يسعى لاستعادة تلك المرحلة، وبشكل واضح فإننا نسعى لاستعادة قيم هذه المرحلة بمعنى العدل الذى أرساه الفاروق عمر بن الخطاب والقوة والمسؤولية التى أبداها الصديق فى قتال المرتدين وتغليب المصلحة العامة على المصلحة الخاصة التى أبداها ذو النورين فلم يشأ أن يراق دم مسلم لأجله، ومحاولة الحفاظ على استمرارية تلك القيم راسخة لا تتعرض للأذى أو التحول كما فعل على بن أبى طالب، ولكننا بالطبع لا نريد استعادة نظام سياسى باسم الخلافة الإسلامية، ولكننا نريد دولة عصرية حديثة وقوية ذات نظام سياسى فعال وكفء يحقق مطالب مواطنيها لكى يجعل حياتهم أفضل وأحسن ويحقق لها الريادة فى محيطها الإقليمى والعالمى فى إطار لا يتعارض مع قواعد الشريعة أو نصوصها أو مقاصدها العامة.

عالم الخلافة كان عالم الإسلام الفاتح الذى صنعه المسلمون وحدهم وأسسوا قواعده وحدهم، مستندين إلى دعم القبائل العربية والمسلمين الذين جاهدوا وقاتلوا، ولكن دولة الخلافة العثمانية تعرضت لضغوط غربية هائلة جعلها بالتدريج وتحت ضغط النظام الدولى وفى مئات السنين تتغير طبيعتها حتى وصلت إلى الاختفاء والإلغاء عام 1924.

وتغير وجه العالم منذ ذلك الوقت وأتيحت اليوم فرصة للإسلاميين فى الحكم، ولكن فى نظام مختلف وعالم جديد لم تعد الخلافة تلائمه، ومن ثم فإن مجال التجديد الحقيقى للإسلاميين هو ألا يستسهلوا ويرجعوا إلى التاريخ ليحصلوا منه على حلول لمشاكل مختلفة تماما وعالم مختلف تمامًا، وإنما عليهم أن يجتهدوا ويجهدوا عقولهم فى بناء نظم سياسية جديدة تعتمد على التجديد والعصر فى نفس الوقت ولو استطاع الإسلاميون أن ينجحوا فى تقديم صيغة سياسية معاصرة لا تتعارض مع أصول الشريعة وقواعده على المستوى النظرى ثم حولوها إلى واقع فإن ذلك سيكون نصرا مبينا لبداية تأسيس لعالمية إسلامية جديدة.

أقول هنا إن التجديد ليس فقط فى إنتاج الأفكار والتنظير السياسى أو الفقهى أو الأصولى، وإنما هو أيضا فى الخبرة العملية فيما يمكن أن نطلق عليه إحياء القيم فى رجال يحملونها، فعمر قيمة العدل وذو النورين التسامح وأبوبكر المسؤولية وعلى تقدير المصالح والمفاسد، نريد رجالا فى الحكم يجددون فى الحركة والممارسة وفى الواقع وفى العمل ليقدموا نماذج جديدة.

أريد حاكما يفعل كما فعل المنصف المرزوقى فى تونس، يكتفى بألفى دولار من راتبه الذى يبلغ ثلاثين ألف دولار، أليس هذا نموذجا، وهو نموذج تجديدى يتوافق تماما مع النظام السياسى الإسلامى.

الحديث عن هيئة للأمر بالمعروف والنهى عن المنكر هو تعبير عن سذاجة سياسية لأنه ليس المهم المؤسسة، ولكن قيمة الأمر بالمعروف والنهى عن المنكر التى يجب ألا تنحصر فى مؤسسة، وإنما تشيع فى كل مؤسسات الدولة من أول الحاكم وحتى أصغر موظف، الأمر بالمعروف والنهى عن المنكر كمؤسسة تقوم به الدولة وحدها عبر الشرطة التى يجب أن يتغير نظامها ويوضع لها قانون جديد يجعلها مؤسسة لتحقيق العدل بين الناس.








مشاركة

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة