سامح جويدة

انتخابات الضحكة الحلوة

الأحد، 08 يناير 2012 03:56 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
الدين للسياسة، والوطن للمجلس العسكرى، والصابونة للجميع. رغى يا مواطن وارغى.. هى دعوة لفتح الحوار مع غلق الآذان والاستمرار فى «التهتهة» حتى نصل إلى سن البلوغ السياسى.. وفى انتخابات مجلس الشعب الأخيرة كان أغلبنا يشبه التلميذ الخايب الذى أجبروه على الدخول فى امتحان وهو يجهل المنهج، بل لا يعرف الامتحان «فى إيه»؟.. كلنا انتخبنا سماعى على عمانا، أنا شخصيّا بحثت لأيام على الإنترنت لأعرف أى معلومات عن المرشحين وبرامجهم الانتخابية، وزرت بعض المقار الانتخابية للمرشحين عن دائرتى لأقارن بين تطلعاتهم وخططهم الإصلاحية، فجمعت مجموعة هائلة من الصور الأشبه بإعلانات البقرة الضاحكة، وخلفها نتيجة 2012 بلا أى نتيجة عن أفكار وطموحات وبرامج المرشحين، وسألت أحد المرشحين فى الزحمة عن البرنامج الانتخابى فقال: «أنا عملت ولا ميت برنامج فى الفضائيات متفرجتش عليهم» فلم أفهم هل هو أهبل أم يستهبل، لم أفهم أيضًا كيف أنتخب من يمثلنى فى مجلس الشعب وأنا أجهل كل شىء عن أفكاره ورؤيته السياسية وحلوله الاقتصادية للأوضاع الراهنة المنيلة بستين نيلة، فكل كلامهم عام وعاطفى وملزق نسمعه من أيام الهكسوس. ليس هناك برامج سياسية واجتماعية واقتصادية واضحة المعالم والآليات. لم أجد من يتكلم عن ميزانية الدولة وتقسيم أولويتها وسياسات سد العجز ولا عن القوانين والتشريعات وكيفية سد خرومها وثقوبها الكثيرة ولا عن حلول عملية لانتشار البطالة أو أطفال الشوارع أو الفساد الإدارى.. كله كلام قهاوى وغناوى وهجص باسم الوطن والدين والثورة مع مجموعة رائعة من صور الوجوه الملظلظة والأسنان الملمعة والتمنيات الطيبة بأن نرى ضحكته الحلوة تحت القبة.. وأهمية البرنامج الانتخابى المجهول أنه مقياس لالتزامات المرشح نحو من انتخبوه، فإذا كتب على نفسه أنه سوف يفعل كذا وكذا ولم يفعل حق لنا إسقاطه ومحاسبته على عدم التزامه، ولكنهم غافلونا وأغفلونا ودخلوا جميعًا بلا عهود معلنة أو التزامات واضحة أو واجبات نحاسبهم عليها، فرغم أننا كنا شعبًا محترمًا جدّا فى هذه الانتخابات فإن المرشحين لم يعاملونا بالاحترام الواجب، فكانت المراحل الثلاث أشبه باحتفالية مبهرة جدّا وتنظيمها فى غاية الرقى وضيوفها فى منتهى الوقار والأناقة والبوفيه فول وطعمية والحلو بتنجان.. كنا نستحق مرشحين أفضل ببرامج انتخابية واضحة بدلاً من فتح المندل وفرش الودع لمعرفة من أفضل من فيهم وأتصور أن هذه السقطة السياسية كانت من الأسباب الرئيسية لانسحاق الليبراليين لأنهم فشلوا فى تعريف الناس بأفكارهم ومبادئهم السياسية واكتفوا بالظهور فى الفضائيات والهجوم على التيارات الدينية التى فرمتهم فى النهاية ولو استمر الحال على هذا فأقترح إقامة متحف لليبراليين على غرار متحف الهنود الحمر فى أمريكا فكلاهما مهدد بالانقراض.. ورغم أنى مسلم ليبرالى علمانى وتعلمت من صغرى ألا أدخل بكتب الدين فى الحمام وأن طهارة الدين أبعد ما تكون عن نجاسة السياسة، إلا أننى مضطر كأقلية مندثرة إلى الالتزام بالديمقراطية وأن أدعو الله بأن يهدى التيارات الدينية حتى لا تتحول مشاكلنا إلى فتن عقائدية.








مشاركة

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة