علاء لطفى

هنا يرقد الجميع!!

الأحد، 08 يناير 2012 09:57 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
تأخذك رحلة القراءة اليومية لعناوين الصحف وماكينات الأخبار فى العالم الافتراضى إلى مناطق غيم غير مأهولة بالبشر، لكنها جميعاً تردد نفس الأحرف والكلمات والتحذيرات، وفى أحيان كثيرة تبدو وكأنها من نفس طبقات "السوبرانو" الصوتية لكنها بنكهة أدمنت الصراخ والتحذير وتسعى لإصابتك بالفزع من الحالة الثورية التى تمر بها مصر، لكنها لا تمنعك عن أن تبقى متابعاً تبحث عن تفسير لما آلت إليه الثورة من عودة للمربع صفر، وهذا ليس تقيمى الشخصى، لكنه تقييم الفريق حسام خير الله الوكيل السابق للمخابرات المصرية، والمرشح المحتمل لرئاسة الجمهورية الذى صرح بأن "الظرف الذى تمر به مصر لا يسمح لأى فصيل أن ينفرد بالسلطة"، وحالة الانفراد بالسلطة التى يلمح إليها الآن هى نفسها التى سبقت التحضيرات لثورة العام الماضى.. ثم يعاود تأكيد المعنى مجدداً حين يتطرق بالحديث إلى أنسب الأنظمة الرئاسية لمصر فى المرحلة المقبلة، معتبرًا أن النظام المختلط (الرئاسى - البرلمانى) هو الأنسب فى هذا التوقيت، محذراً من أنه لا يصح أن نطبق النظام البرلمانى الآن، حيث سيحتكر فصيل معين البرلمان والحكومة.. إذا من "خطاب الفصيل المحتكر" يبدوا واضحاً أن هناك حالة تخوف حقيقة من العودة لاحتكار السلطة والقرار، وتلك الحالة لم تكن لتحدث لولا أننا نقف الآن فوق المربع صفر مجدداً.. وأتصور أن التخوف من 25 يناير الجارى يمكن أن يظل مجرد تخوف وتمر الذكرى الاحتفالية الأولى للثورة فى سلام لو أننا أجبنا بصدق عن التساؤل الحقيقى الدائر الآن وهو "ماذا قامت الثورة لتحقيقه لكنه لم يتحقق؟"..
"آصف بيات" المفكر الإيرانى وأستاذ علم الاجتماع والدراسات الشرق أوسطية بجامعة إلينوى بالولايات المتحدة حاول الإجابة عن هذا التساؤل مبكراً فى تصنيفه للثورات من منظورين، الأول أيديولوجى ويرى أن الثورة قامت لتحقيق تغيير سياسى وتحول ديمقراطى وإحداث تغير اجتماعى، والثانى حركى يبحث فى المسارات التى سلكتها الثورة وآليات تحقيقها على أرض الواقع‏.. ليخلص فى النهاية بنتيجة أن ما حدث فى مصر أكثر من إصلاح وأقل من ثورة، هى خليط بين الاثنين، فالثورة المصرية أقرب إلى الثورة البرتقالية فى أوكرانيا وثورة الورود فى جورجيا حيث تواصلت الاحتجاجات الشعبية الواسعة النطاق حتى أسقطت النظام إلا أن الحالة المصرية من وجهة نظره أكثر ثورية منهم ولديها قوة تحرر هائلة وحلم كبير بالوصول إلى نظام جديد وعادل ضمن انتقالا منظمًا للسلطة يتجنب الإفراط الثورى الذى يستعمل فيه العنف بشكل مفرط ضد النظام السابق وتقطع رؤوسه ويقدم رموزه للمحاكمات التى تنتهى بالإعدام كما حدث فى روسيا.. ولكن "آصف" كان يرى أيضاً أن هناك أخطارًا لهذا الوضع فى مصر لأنه يمنح فرصة كبرى للثورة المضادة فى أن تحاول استعادة النظام القديم مرة أخرى تحت أسماء مختلفة فى ظل عدم سيطرة الثوار على المؤسسات الرئيسية فى البلاد‏.. وهنا يقفز نموذج الثورة الرومانية ليكمل لنا المشهد الذى آلت إليه الثورة المصرية فهى لم تكن برتقالية أو وردية أو حتى لوتس تراثية، بل نسخة مكررة للثورة الرومانية حين يتمكن النظام القديم من إعادة إنتاج مصالحه ومراكز قواه بشخوصه القديمة من الصف الثانى والثالث فى ظل لعبة تبدو أكثر ديمقراطية من الناحية الإجرائية، وبعد مضى عقدين من سقوط الديكتاتورية تبدو رومانيا فى تفاصيل نظامها السياسى أقرب إلى بلاد الكتلة الشرقية التى لم تشهد ثورة على الإطلاق فى نهاية الثمانينيات كحال بلغاريا وألبانيا، والتى نجح فيها الصف الثانى أو الثالث من النخبة القديمة فى الاحتفاظ بمواقعهم فى الدولة فى ظل نظام يقوم على الانتخابات الحرة والتعددية الحزبية.. وما يكرس هذا المعنى، الزخم الإعلامى التحذيرى الدائر بجنون على مدى أسابيع يطلق صيحات الترهيب من إعادة إنتاج الثورة مرة أخرى مع تغيير طفيف فى أبطال العرض الثانى ومشاهد الإثارة التى ستكون دموية باقتدار إن صدقت المخاوف والتوقعات وتصبح أيقونة الثورة "هنا يرقد الجميع"!!.








مشاركة

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة