لا شىء يدوم، السعادة كالحزن..عمر السعادة قصير والحزن - بحكمة من الله - أقصر، لكننا دائما نتمنى دوام السعادة إذا جاءت، وزوال الحزن إذا حضر، اعتدت - وهذه تجربة شخصية - أن أضع فى درج مكتبى كراسة لها ورق ملون، كتبت عليها من الخارج: كراسة السعادة والحزن، فى هذه الكراسة التى أعرف قيمتها فى مواقف كثيرة، أختار أعمق الأيام سعادة، حين أبلغ ذروة السعادة، وأكتب مذكرات هذا اليوم بالتفصيل، لماذا أمر اليوم بهذا الإحساس الطاغى من السعادة، ماهى الأسباب، وماهى الظروف. ما هى القصة؟ ماهى قصتى فى هذا اليوم مع السعادة، أحرص على كتابة التفاصيل كاملة، أكتبها بعناية ودقة، بنفس العناية والدقة، أختار أعنف أيامى حزنا فأكتب قصته، حتى أننى قد أجد فى وقت لاحق دمعة على ورقى، هناك أيام أكتب حيرتى، وهناك أيام أكتب قناعتى، هناك أيام أسجل تماما حالة الإحباط، وهناك أيام أسجل حالة الفوز.
هذه الكراسة هى صلاتى إلى الله سبحانه وتعالى، من أوراقها أعرف كم يحبنا الخالق، لأن سعادتنا لاتدوم، فنعتاد عليها، وحزننا لايبقى فنموت من قسوته.
هذه الكراسة، أقرأ أوراقها الحزينة فى أوقات السعادة فأسعد بكل لحظة من لحظات السعادة، التى أعيشها دون أن أفكر فى ماذا بعد، وأقرأ أوراقها السعيدة فى أوقات الحزن، فيطمئن قلبى أن الحزن زائل بعد حين، مهما كانت مرارته.
الحياة هى مجموعة متناقضات دائمة، السعادة والحزن، الخير والشر، النجاح والفشل، الأمان والخوف، اللقاء والفراق، النهار والليل، فلماذا تفاجئنا الأشياء، مع أن الأصل أن تموت أشياء لتولد أشياء، تذهب أشياء لتأتى أشياء.
نمضى من تجربة إلى تجربة، نأخذ من كل تجربة كما تأخذ منا كل تجربة، وكلها فى كل الأحوال تمضى وتطوى، حتى الدموع التى نبكيها بصدق وألم فى فراق عزيز، يأتى وقت تصبح مجرد ذكرى، كل شىء سوف يمضى إلى حال سبيله، تذكر حين تصبح فى قمة المشاعر والأحاسيس، والنصيحة المخلصة لتعرف طعم الحياة، هو أن تنفعل بكل مايمر بك بكل أعصابك، فى السعادة.. عش السعادة كأنها تدوم، وفى الحزن إبكِ بقلبك حتى تغسلك الدموع من كل شوائب الحياة.
إلى أين تذهب مشاعرنا المنتهية؟
هل هناك صندوق تعبأ فيه المشاعر التى أخذت وقتها وانتهت؟، وهل نمر بنفس المشاعر إذا تكررت المواقف نفسها؟
نحن فقط نحتفظ بالمناسبات والمواقف التى جعلتنا نبكى أو نضحك أو نحب أو نشتاق أو نخجل أو نكتئب.. لكننا لانملك صندوقا يسجل نفس المشاعر ويحتفظ بها، ومعنى هذا أن مانشعر به فى وقت آخر فى موقف يشبه ماسبق أن مر بنا.. هو شعور مختلف، أكبر أو أقل، أعمق أو أخف، شعور جديد مهما تشابه، والتفسير بسيط للغاية أن الموقف الجديد جاء بعد خبرات جديدة، وسنوات عمر جديدة.
أروع مافى الحياة، أن شوارعها مهما ضاقت تسير دائما فى الاتجاهين، ذهابا وعودة، دخولا وخروجا، ولذلك من السهل الرجوع أو التراجع إذا أردت، ومن المتعة أنك لن تمر فى نفس الشارع مرتين.
الحرية ليست أن تقول رأيك أو تعرض أفكارك بحرية، الحرية الحقيقية هى أن تجد نفسك حرا حين يسيطر عليك حزن، أو تغمرك سعادة، حرا فى أن تعيش حياتك من حادث إلى حادث، بقدرة فائقة ورشيقة على الخروج بسهولة، والتعامل بقوة وأمل من أجل استمرار الحياة كما يجب أن تكون.
مشاركة
اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
مشاركة
اضف تعليق
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة
عدد الردود 0
بواسطة:
عبده جمال
كلامك لوحده سبب فى النسيان