وائل السمرى

ثم حسبى الله ونعم الوكيل

الخميس، 11 أكتوبر 2012 12:00 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
يطالبنا بعض أهل الحظوة من الإخوان والمتأخونين بأن يكون نقدنا بنّاء لا هدّاما، مدعين أن النقد البناء هو الذى ينبه إلى المشكلة، ويطرح الحل، بينما النقد الهدام هو الذى يبرز المشكلة فقط، ويهاجم المسؤولين بسببها، وعلى هذا فالنقد البناء هو الذى يستعين بنبرة التنبيه والإشارة والعتاب، أما الهدام فهو الذى يتبنى الهجوم والسخرية والقدح، لكن ماذا يفعل الواحد إن سلك كل أنواع النقد، وكانت الحكومة بأكملها «ودن من طين وودن من عجين»؟، وماذا يفعل الواحد إن استغاث ونبه وأشار واقترح ولم يتحرك المسؤولون بخير، تاركين الشر ينعب فى بلادنا وأقواتنا وتاريخنا وحضارتنا؟

إليك تجربتى المريرة التى خضتها منذ ما يقرب من أسبوعين، حينما كتبت سلسلة مقالات أناشد فيها الحكومة سرعة التدخل لإنقاذ أطلال جامعة «أون» بالمطرية، وهى أقدم جامعة فى العالم، وأشرت فى تلك السلسلة إلى أهميتها التاريخية الإنسانية الكبرى، ولم أكتف بذلك بل ناشدت اليونسكو أن تتدخل لإنقاذ تلك المدينة والجامعة، خاصة أن عمليات نبشها تسير على قدم وساق، وأكدت مرارا أن هناك عميلة نبش غير شرعية قائمة أسفرت عن كشف أثرى يحتمل أن يكون بوابة لمقبرة أثرية ثرية، وأن اللصوص الذين نبشوا فى تلك الأرض الأثرية كانوا يتفاوضون على سعرها تمهيدا لتهريبها، وهى المعلومة التى يعرفها كل ساكنى المطرية، وناشدت وزارة الداخلية ووزارة الآثار ووزارة الأوقاف ومجلس الوزراء والرئيس مرسى أن يهتموا بتلك المنطقة، وأن يرسلوا إليها حراسة مشددة، وأن يتحفظوا على ما تم اكتشافه بشكل غير شرعى، لكن لم يتحرك أحد وتركوا الحال على ما هو عليه، فتم منذ أيام تهريب ما تم اكتشافه وسط ذهول أهالى المطرية، وصرخاتهم التى وصلت إلى أقسام البوليس بحسب ما أكد لى الأهالى، لكنهم كالعادة.. طرمخوا.

حدثونى إذن عن النقد البناء وشكله ولونه مع حكومة بليدة متبلدة تفتقد أدنى مستويات الحس، وأدنى شعور بالمسؤولية، وأدنى وعى، وأدنى ثقافة. حدثونى إذن عن النقد البناء مع واحد مثل وزير الآثار لم يرد على تليفونه طوال الأسبوعين الماضيين، وهو يعرف أرقام الصحفيين جيدا، فترى هل أراد السيد الوزير أن يدفن رأسه فى الرمل متدثرا بالعار متواطئا مع التخريب والإهمال؟ أم أنه- وزير الآثار- لم يعد يهتم بالآثار؟. وحدثونى عن النقد البناء مع رئيس ابتلانا الله به، يتخذ من القذافى مثلا أعلى، فيمثل مرة دور عبدالناصر، ومرة دور السادات، ولا يعرف أبدا أنه رئيس حقيقى وليس أحمد زكى فى «ناصر 56»، أو «أيام السادات». حدثونى عن رئيس يشعر الواحد وهو ينتقده بالتفاهة لأنه أقل من أن ينتقد، وأهون من أن يستثير الغضب، رئيس كلما وجد نفسه غريقا تعلق بـ«منجاية».

كتبت وحذرت وصرخت وأوضحت واقترحت، ولم تتحرك الحكومة حتى بعد خراب مالطة، فغاية أمل حكومتنا الراشدة هى أن تحول أقدم جامعات التاريخ ومنارة منارات العالم القديم إلى سوق للخضار، مع العلم أن مدينة كهذى يعرفها العالم كله ويحترمها كل علماء الآثار بشىء من التقديس، ومن الممكن أن تصبح فى سنوات قليلة من أهم المزارات السياحية فى العالم، كما يمكن ربطها عن طريق «الطريق الدائرى» بالأهرامات لتساهم فى رفع مستوى معيشة منطقة عشوائية يقطنها ما يقرب من مليونى مواطن، ويمكن تحويلها إلى متحف مفتوح، ومركز لدراسة أديان العالم القديم، ومركز ثقافى وأثرى فريد، وحتى تصحو الحكومة من غفلتها، حسبى الله ونعم الوكيل، ثم حسبى الله ونعم الوكيل، ثم حسبى الله ونعم الوكيل.








مشاركة

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة