فى عز سطوة النظام السابق لم يجرؤ وزير إعلام أو رئيس وزراء على إصدار تعليمات مكتوبة إلى الوزارات والهيئات والمؤسسات الحكومية بحرمان الفضائيات أو الصحف الخاصة من حصة الإعلانات السنوية للحكومة. التعليمات كانت تصدر شفهية وفى توقيتات وظروف سياسية معينة للضغط على الفضائيات والصحف الحزبية والخاصة لتغيير مواقفها السياسية العدائية ضد النظام، ومع ذلك لم تصل إلى مرحلة الخنق واصدار التعليمات المكتوبة، وحده فعلها وزير الإعلام «السخن» - مع مذيعة قناة دبى - الصديق والزميل الصحفى السابق المتولى صلاح عبد المقصود، وفى حكومة بعد الثورة التى من المفروض أنها قامت ضد سياسات الاحتكار والاستحواذ والسيطرة والاستبداد السياسى بكل أشكاله وأنواعه والتى كان الإعلام أحد الأذرع المهمة والحيوية فى هذا الاستبداد.
الوزير السخن المتوتر فى أفعاله وردود أفعاله منذ توليه بشكل مفاجئ وغير متوقع حقيبة الإعلام فى وزارة هشام قنديل فى يوليو الماضى لكونه فقط ينتمى للشعب الإخوانى فى مصر، هو صاحب أكبر فضيحة الآن فى تاريخ الإعلام بخطابه لرئيس الوزراء بمنح وكالة صوت القاهرة الحكومية عرض وتنفيذ الحملات الإعلانية التى تنظمها الوزارات، وبحرمان وسائل الإعلام والفضائيات الخاصة من جميع الإعلانات بحجة تطوير «تليفزيون الدولة» الذى تتم أخونته الآن على يد الوزير المتولى.
الخطاب الفضيحة الذى ورط فيه المتولى رئيس الوزراء الذى وقع عليه سواء بوعى وإدراك أو بعدم معرفة يعنى أن سياسات الاحتكار الإخوانية بدأت مبكرا للغاية لقتل المنافسة وحرية الإعلام ومحاولة ترويض المعارضة للرئيس وللإخوان وعلى يد زميل صحفى عانت الصحف الإسلامية التى عمل بها طوال تاريخه الصحفى من الملاحقة والمطاردة، فاضطر إلى إصدار مجلة نسائية اسمها الزهور ترأس مجلس إدارتها.
الفضيحة الإعلامية تؤشر لما سبق وحذرنا منه من حالة التربص والانتقام المرير من جماعة الإخوان من الإعلام، وبدأت ملامحه من الهجوم السافر من قيادات الجماعة على الإعلام الخاص بصحفه وفضائياته، وإذا تحقق ما جاء فى خطاب وزير الإعلام فإننا نسير إلى مرحلة مبهمة وغامضة فى مسيرة مصادرة الحريات وقمع الرأى الآخر وإجهاض أى رأى معارض بالترهيب والترغيب.
القبضة الحديدية للإخوان تزداد وتتسع للسيطرة على إعلام الدولة الذى كانت سياسات النظام السابق فى احتكاره وتوظيفه لصالح الاستبداد والقهر أحد أهم أسباب الثورة عليه.