فى فهم ما يحدث لابد أن تفكر قليلاً فيما هو آت من كلام..
لا ذنب لجماعة الإخوان المسلمين فى تلك البراءة التى حصل عليها السادة المتهمون فى موقعة الجمل، المرشد لم يوقع على وثيقة برائتهم ومن الظلم أن يتم تحميل الجماعة قرارا لم تتخذه أو تشارك فى الوصول به إلى هذا الحد الصادم، ولذلك لا مبرر على الإطلاق لهذا الهجوم الذى تعرضت له الجماعة بعد قرار براءة المتهمين فى موقعة الجمل لأن الإخوان لا علاقة لهم بالقضاء - وإن كانوا يسعون للسيطرة عليه - ولا علاقة لهم بالهرتلة والضياع والضبابية التى صاحبت فترة التحريات والتحقيقات الخاصة بقضايا ما بعد الثورة..
الرئيس محمد مرسى هو الآخر لم يكن صاحب قرار البراءة وليس مطلوباً منه بل لا يجوز له أن يتدخل فى شؤون العمل القضائى إيجاباً أو سلباً، وبالتالى فإن توجيه اللوم أو النقد له يصبح أمراً غير صحيح وغير مرغوب فيه، دون أن يعنى ذلك أنه برىء تماماً من تحمل جزء كبير من مسؤولية صدور قرارات براءة قتلة المتظاهرين بهذا الشكل المتتالى، وأزمة الدكتور مرسى الوحيدة فى إصراره الواضح على تحميل نفسه بوعود لا طاقة له بتنفيذها أو بمعنى أصح وعود لم يدرسها بالشكل الكافى وأطلقها على طريقة.. أنا الرئيس الجديد أنا شجيع السيما!!
أبرز هذه الوعود التى أعلنها مرسى ثم نساها أو تناسها هو وعده بإعادة محاكمة المتهمين بقتل المتظاهرين أيام الثورة، هذا الوعد قطعه الرئيس على نفسه قبل انتخابات الرئاسة وكرره فى خطبة ميدان التحرير الشهيرة بعد أن أصبح رئيسا ثم تبخر واختفى وكأنه لم يكن، وتبخر وعد إعادة المحاكمة وتلاشيه وعدم تنفيذه لا يمكن أن يتساوى أبداً بوعود الرئيس الأخرى الخاصة بالـ100 يوم الأولى لأن المصريين يمكنهم أن يسامحوا فى المرور والعيش والكهرباء وخلافه ولكنهم لا يبدون نفس السماحة والتطنيش – بالمزاج - فيما يخص دماء الشهداء وأوجاع المصابين والإهمال الواضح فى إعادة حقوقهم والقصاص لهم..
ولهذا أصبح طبيعيا جداً وضع الرئيس محمد مرسى فى نفس كفة النائب العام المتهم بإهدار حقوق المتظاهرين والثور، لأنه إذا كان الثانى – أى النائب العام - جزءا من السلطة التشريعية التى فشلت فى إعادة الحقوق للشهداء والمصابين عبر مرافعتها وأحكامها، فإن الأول - أى الرئيس مرسى- هو رأس السلطة التنفيذية التى فشلت فى تقديم الأدلة وتوفير الأجواء المناسبة لتمهيد طريق وصول المتهمين إلى حبال المشنقة أو السجون..
الرئيس مرسى فى هذا الأمر يبدو متهما أكثر من النائب العام، لأنه وعلى مدار الـ100 يوم السابقة لم ينفذ وعده بإعادة المحاكمات، ولم يعتذر للناس عن تأخره هذا، ثم إنه هو المسؤول الأول والقادر على تحريك أجهزة المخابرات العامة والحربية وجهاز أمن الدولة وباقى أجهزة الدولة التنفيذية من أجل البحث عن أدلة جديدة أو الكشف عن خفايا الأيام التى سقط فيها المتظاهرون شهداء ومصابين.. ولكن الرئيس لم يفعل ذلك..
وبناء على كل ما سبق وفى محاولة للخلاص من ورطة الوعد الذى اكتشف الرئيس أنه غير قادر على تنفيذه سعى الرئيس للإطاجة بالنائب العام فى محاولة لإرضاء الشارع، وهو سعى صاحبته العديد من الأخطاء التى تؤكد أن الرئيس مرسى لا يذاكر ولا يدرس خطواته جيداً مثلما يحدث فى خطاباته، فأعلن الرئيس تعيين النائب العام سفيراً فى الفاتيكان للخلاص منه، وفاجأه النائب العام برد على طريقة صراع «عنتر ولبلب» فى الفيلم الشهير وأعلن أنه باق فى منصبه، فظهر الرئيس ضعيفا مثلما حدث فى أزمة المحكمة الدستورية وحل البرلمان، وهيبة الرئيس التى أكل النائب العام جزءاً منها بعد أن أعلن فى بيانه عدم قدرة أحد على عزله من منصبه لا يمكن استردادها بسهولة لأنها الهيبة مثلها مثل عود الكبريت لا يمكن استحداثه بعد أن يحترق.
مشاركة
اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
مشاركة
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة