الانفصال عن شبكتك صعب.. والهيام الأبوى الذى يربط بعض المواطنين بمنصب رئيس الجمهوريةيدعوهم دائما للتنازل والتسامح مع الرؤساء لدرجة تصل إلى السذاجة أحيانا.. فالرئيس فى عرف التراث المصرى هو الأب الكبير وبنعمته يختال علينا. حتى إنهم غالبا ما يبرئونه من كل مصائبه ويرمونها على رجاله وكأنه ملاك برىء أو طفل وديع غير مسؤول عن رجس وزرائه أو غباء أعوانه.
فكل الذين أحبوا عبدالناصر يتلعثمون حينما تسألهم عن النكسة أو زوار الفجر أو حرب اليمن ويرمون المسؤولية على من حوله ليخرج منها مثل الشعرة من العجين.. وكل من حلفوا بالسادات نسوا أو تناسوا كارثة الانفتاح وهى البذرة التى خرجت منها كل أشجار الفساد الاجتماعى والاقتصادى.. حتى إخواننا من أنصار آسفين يا ريس مازالوا يعتبرون مبارك الرمز والأب ويحملون كل مصائب العهد البائد على زوجته وأبنائه.
ولا أحد يستطيع أن ينكر إنجازات الرئيس عبدالناصر أو انتصارات الرئيس أنور السادات بل لا ننفى عن مبارك بعض الإيجابيات خاصة فى مراحله الأولى.. ولكن أن يستمر البعض وعلى رأسهم جماعة الإخوان فى إظهار نفس الهيام بالرئيس محمد مرسى فهنا تكمن المشكلة.. فالرجل لا يخطئ فى عرف الإخوان.. فما يكاد الرجل يخرج علينا بأى قرار حتى تجدهم يهللون له فى مظاهرات حاشدة تأتيها الأتوبيسات الإخوانية من كافة المحافظات وكأننا فى المولد ولا ينقصنا غير الملبن والمشبك والمراجيح.. والبسطاء الغلابة الذين احتشدوا فى الاستاد هل كانوا يهللون لانتصارات أكتوبر أم لإخفاقات المائة يوم.
أتصور أن نتوقف قليلا عن هذا «الهجص» لأن مفهوم الرئيس الأب ذهب بلا رجعة فلا يمكن أن نغير «أبونا» كل أربع أو خمس سنين ولا يصح فى أى دستور أن يعامل الشعب بالتبنى فأى رئيس هو «بابا» وأى حكومة تبقى «ماما».
هذه الأحاسيس الهائمة الغامرة تؤدى دائما إلى كوارث.. وجمعة كشف الحساب أثبتت أن أحباب الرئيس مرسى وأبناءه من الإخوان قد يدفعوننا فجأة إلى حرب أهلية.. فما الداعى لأن يحتشدوا بالآلاف فى مظاهرة معروف أنها للاعتراض على الغلاء أو إنجازات الدولة فى مائة يوم.. هل قصدوا إرهاب الناس وتخويفهم كما كان يفعل الأمن المركزى مع الرئيس البائد.. وهل يرضى الرئيس الحالى بذلك؟؟.
أن تتحول حرية التظاهر إلى فيلم رعب وبحر دم وثأر لا يموت بين الشعب والإخوان.. فإذا كانت تلك الحماسة والغشاوة بدافع وهم الأبوة للرئيس مرسى فأنتم تفسدون على الرجل مكانته واحترامه. وإذا كانت بدافع تأكيد الأغلبية فأنتم تخلقون بهذه المواجهات الملايين من الأعداء والمصائب المرتقبة.. أما لو كان هذا لمصالح ومغانم فرجال الأمن المركزى أكرم وأرحم.
مشاركة
اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
مشاركة
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة