الرئيس مرسى تفاعل مع أزمة النائب العام بإيجابية وتراجع عن قراره بتعيينه سفيرا فى الفاتيكان بمعنى يعنى إقالته من منصبه الذى يحصنه القانون والذى لا يحق لأحد حتى لو كان رئيس الجمهورية عزله أو إقالته إلا باجراءات وضوابط يحددها قانون السلطة القضائية وإلا اعتبر ذلك اعتداء على القضاء وتغول من الرئاسة والسلطة التشريعية على القضاء واعتداء صارخا عليه بما يخل بمبدأ الفصل بين السلطات الذى أقسم الرئيس نفسه على صونها وحمايتها أمام المحكمة الدستورية.
تراجع الرئيس عن قراره لا يجب التعامل معه على أنه انتصار لطرف وهزيمة طرف آخر فلم يحقق القضاء انتصارا وإنما أثبت أنه حصن حصين لا يمكن اختراقه أو الاعتداء عليه وأن جسده مازال صلبا وقويا فى مواجهة محاولات حكم الدولة بشريعة الغاب والفوضى وهدم مؤسساتها الراسخة، ولم يهزم الرئيس أيضا لأن تراجعه أو تصحيح قراراه هو تأكيد على ما أقسم عليه وهذا يضيف للرئيس صورته لدى الرأى العام فى الداخل والخارج ولا ينتقص من مقام رئيس الجمهورية، فالمنتصر هنا هو الوطن الذى يحصنه ويحميه وجود قضاء عادل ومستقل ونزيه يعبر بنا مرحلة انتقالية صعبة وحرجة للغاية.
إذن يستحق الرئيس الشكر على تجاوبه وتفاعله السريع ونزع فتيل أزمة كادت أن تدخل مصر فى نفق مظلم لا خروج منه، ولكن هذه الأزمة يجب الخروج منها بدروس عديدة، فقد تسبب فيها مستشاروه وأوقعوه فى ورطة وأوقعته فيها قيادات جماعته وحزبها بتصريحاتها الخشنة والاستعلائية والمتعدية على سلطة الرئيس والدولة.
الرئيس هنا يتحمل المسؤولية لأنه على رأس السلطة فى مصر وعليه أن يحسن اختيار مستشاريه ويروض أهل جماعته لأنهما يشكلان خطرا عليه وعلى هيبة الرئاسة والدولة، مثلما حدث فى أزمة اليمين الدستورية وحل مجلس الشعب، فلا يعقل أن مصر الدولة القضائية العريقة تخلو من مستشارين قانونيين على مستوى عال من الخبرة والتخصص لدعم الرئيس عند اتخاذ القرار.
الدكتور مرسى عليه أن يعيد ترتيب «بيت الرئاسة» مرة أخرى لأن مصر الدولة لا تتحمل أزمة أخرى على غرار أزمة النائب العام، كما أن عليه أن يحدد طيبعة علاقته بوضوح مع جماعة الإخوان المسلمين، فهو الذى أكد أنه جاء رئيسا لكل المصريين عليه كل الواجبات وليس له حقوق، وعليه أن يثبت بعد هذه الأزمة أنه بالفعل جاد فى كونه رئيسا للجميع وليس تابعا لجماعة.