أجمل ما قرأت مؤخرا مقولة متداولة ومنسوبة إلى رئيس الأورجواى الرجل الفقير المتواضع خوسيه موخيكا، بأن «السلطة لا تغير الأشخاص.. هى فقط تكشفهم على حقيقتهم»، والرجل للحقيقة يجسد هذه المقولة فى سلوكه وأفعاله وأقواله، منذ أن تولى السلطة العام الجارى، فلم يصبه الغرور والاستعلاء والصلف، بعد أن أصبح فى الحكم، واستمر هو الحاكم القريب جدا من شعبه، فهو نوعية من الرجال نفتقدها فى مصر، خاصة مع الذين تحولوا وكشفتهم السلطة، بعد أن اعتلوها، ولم يمر على استحواذهم عليها سوى شهور قليلة، فبدوا على حقيقتهم التى كانت كامنة فى نفوسهم، فركبهم الغرور، وأخذتهم العزة بالإثم والباطل. الرئيس خوسيه يمارس حياته الطبيعية كواحد من أبناء شعبه الفقراء فى هدوء، دون خيلاء وحرس، فهو قليل الظهور فى وسائل الإعلام، ولكنه يوصف بالرئيس العملى الذى يصنف بالأكثر قربا من شعبه فى العالم، وتطلق عليه الصحافة «أفقر رئيس فى العالم، ورئيس الفقراء» بسبب تواضعه المطلق، خوسيه يملك منزلا متواضعا للغاية وسيارة فولكس فاجن لا تتعدى قيمتها ألفى دولار. وقرر أن يقدم للأعمال الاجتماعية والخيرية %90 من هذا الراتب ويحتفظ فقط بـ1250 دولارا شهريا، الذى يرى أنها تكفيه للعيش، لأن أغلبية مواطنى الأوروغواى يعيشون بمرتب أقل.
وليس ذلك فقط، بل خصص بعض أجنحة القصر الرئاسى فى العاصمة مونتفيديو لتوفير المأوى للمشردين، بعد أن تبين له أن جميع مراكز الإيواء لن تكفى لإيوائهم.
هذا هو رئيس أورجواى الذى تولى السلطة فى بلاده فزادته تواضعا وفقرا، ولم تصبه أمراض السلطة القاتلة، مثلما حدث مع عدد من قيادات الاخوان، وأخص منهم الدكتور عصام العريان الذى كنا نرى فيه فى السابق صوتا للاعتدال، ورمزا للوسطية والتواصل مع التيارات السياسية الليبرالية واليسارية، وكان يبدو مهذبا ومتسامحا وصبورا، ومحاورا فصيحا لطيفا، لا يتطاول على أحد، ولا يتهم أحدا بالكذب والتضليل، ولكن مع تغير الأحوال واعتلاء جماعته سدة الحكم بغطاء رئاسى، بات خشنا صادما ضيق الصدر، قليل الصبر. يتعامل كأن لديه فصل البيان والقول القاطع فى أمور الدولة والسلطة، صاحب تهديد ووعيد حتى مع الرفاق السابقين الذين احتضنوه فى أحزابهم ومؤتمراتهم واعتبروه مع جماعته فصيلا وطنيا له الحق فى التعبير السياسى عن نفسه، ومع وسائل الإعلام التى لولاها ما عرف أحد عصام العريان، أو أفراد جماعته.. فما الذى حدث يادكتور؟ هل نسيت الماضى القريب؟ نرجوك رفقا بنا وتذكر أن الأيام دول وتظنها بعيدة ونراها قريبة وقريبة جدا ولن تدوم لأحد وسبحان من له الدوام يعز من يشاء ويذل من يشاء.
مشاركة
اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
مشاركة
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة