محمد الدسوقى رشدى

«سندوتش» كوارث دستورية

الأربعاء، 17 أكتوبر 2012 12:06 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
بالمناسبة أنا لست ضد الجمعية التأسيسية، ولكن أنا ضد المنتج الصادر عنها لو كان بهذا السوء الواضح فى المسودة الأولى التى لا تفعل شىء سوى رفع الضغط، ودفعك للتحسر على حال مصر التى أنجبت العقاد ونجيب محفوظ، ويسير فى طرقات جامعاتها العشرات من الفقهاء القانونين، والمئات من الأدباء المرموقين، والآلاف من أساتذة اللغة العربية العظماء، ومع ذلك خرجت أول مسودة لدستورها الجديد وهى تعانى من ركاكة الصياغة، وسذاجة استخدام المرادفات والألفاظ والعبارات، بالإضافة إلى عوار فكرى، والعديد من الأفكار القادمة من اليمين، والكثير من الاقتراحات الواردة من الشمال، لم تجد طباخا جيدا ليطهوها بمهارة، ويخرج بها للجمهور جميلة الرائحة والمنظر، فخرجت المسودة الأولى للدستور الجديد كما لو أنها «سندوتش» كوارث دستورية صنع على عجل، ودون خبرة، وبأدوات منتهية الصلاحية أو لا تصلح من الأساس لأداء هذه المهمة، وبالتالى من المتوقع أن يصاب بطن الوطن بالوجع وربما بسرطان فكرى لا ينهى الصراعات، ولا يأتى بالنهضة الموعودة.

الغريب فى أمر مسودة الدستور التى تم طرحها فى الساعات الأخيرة أنها غير مكتملة، وبالتالى لا جدوى من طرحها للنقاش المجتمعى، كما أنها لا تحظى برضى أو بتوافق داخل الجمعية التأسيسية نفسها، فالتيار السلفى بالجمعية يهدد بالانسحاب والتظاهر لرفض الدستور بسبب المادة الثانية، وبعض القانونيين داخل الجمعية يرون المسودة وطريقة صياغتها مخزية ومخجلة، والقوى المدنية ترى فى أغلب موادها نوعا من المطاطية والتضارب وعدم الوضوح الذى لا يكفل الحفاظ على الحريات وحقوق الإنسان، وحتى نفهم بشكل أكثر ما تحمله المسودة الأولى من مواد ومحتويات تساهم فى إصابة بطن الوطن بانتفاخ المشاكل والصراعات، تعال نقرأ النقاط التالية.

- العديد من المواد حمالة أوجه واحتفالية توحى بالتغيير شكلا، ولكنها لا تقره مضمونا، مثلما حدث مع المادة الخاصة بالإبقاء على مجلس الشورى مع تغيير اسمه إلى «مجلس الشيوخ» دون إبداء أسباب واضحة أو منطقية.

- ولأن الصياغة ركيكة فكان طبيعيا أن تأتى المادة الخاصة بالأزهر لتقول «إن مجال الأزهر العالم الإسلامى كله»، وهو أمر غريب لأن الأزهر مؤسسة محلية، والعالمية تخص الدعوة التى ينشرها العلماء.

- «جمهورية مصر العربية دولة مستقلة ذات سيادة وهى موحدة لا تقبل التجزئة، ونظامها ديمقراطى، والشعب المصرى جزء من الأمة العربية، يعمل على تحقيق وحدتها الشاملة، وهو جزء من الأمة الإسلامية والقارة الآسيوية، ويساهم فى تآخيها وتآلفها، ويعتز بانتمائه إلى الجماعة الأفريقية وحوض النيل، ويسعى إلى تكاملها واتحادها، ويشارك بإيجابية فى الحضارة الإنسانية».. حينما يكون تعريف الدولة المصرية بهذا الشكل الوارد فى المادة الأولى فلا بد أن تسأل أولا عن المؤهل التعليمى لمن صاغ وابتكر هذه المادة، وتسأل ثانيا عن المفهوم الجغرافى لعبارة «جزء من القارة الآسيوية وتعتز بانتمائها للجماعة الأفريقية»، لأن الوارد فى المسودة قد يعنى- إن تم تفسيره نصيا- أننا سنشارك فى كأس الأمم الآسيوية، وسنلغى كل التاريخ الذى يربطنا بأفريقيا، لأن الإخوة فى التأسيسية اكتشفوا أن أفريقيا «جماعة» وليست «قارة» وأن كل ما يربطنا بها هو الاعتزاز.

- مواد المحكمة الدستورية جاءت ضد فكرة التغيير التى قامت من أجلها الثورة، وتجعل التعيين فى المحكمة مكافأة يحددها القضاة لبعضهم! والمادة الخاصة بجواز حل الرئيس مجلس النواب تتعارض وتتنافى وتختلف مع أبسط مبادئ الجمهورية الرئاسية البرلمانية، والمادة الخاصة بالإضراب وتحركات العمال تقتل حقهم فى الإضراب السلمى.








مشاركة

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة