فى أول خطاب له يوجهه السيد الرئيس مرسى للشعب المصرى «أهلى وعشيرتى» استلهم بعضا من خطبة «أبى بكر الصديق» أول الخلفاء الراشدين فقال: «وليت عليكم ولست بخيركم، فإن أحسنت فأعينونى، وإن أسأت فقومونى» ومع أننى لست من المعجبين بخطابات السيد الرئيس التى تبتعد بالمحسنات البديعية عن الاشتباك الحقيقى بالواقع الذى يعيشه المواطنون -وليس الأهل والعشيرة- لأنها تبقى مجرد بلاغة خطابية مثل مشروع النهضة الذى انتخبناه على أساسه وأنكر وجوده الواقعى السيد نائب المرشد العام فبقى مجرد وهم باعته جماعة الإخوان المسلمين للشعب المصرى، ومع ذلك فسوف أكمل العبارة التى اقتبسها السيد الرئيس من خطبة أبى بكر: «الصدق أمانة، والكذب خيانة، والضعيف فيكم قوى عندى حتى أريح عليه حقه إن شاء الله» وحاشا لله أن أتهم السيد الرئيس بعدم الصدق وخيانة الأمانة أو بالخيانة لأنه يكذب، فالرجل على المستوى الشخصى كما أعرف لا تسمح له شخصيته المحترمة بغير الصدق ولا تسمح له أخلاقه الكريمة التى عرفها الجميع عنه بالكذب، أما تصريحات مستشارى الرئيس فليست على درجة كافية من الصدق، كما أن تصريحات مسؤولى حزب الحرية والعدالة «القسم المخصوص العلنى للإخوان المسلمين» فأغلبها على درجة عالية من الكذب، أما مستشارو الرئيس فيمكن اعتبار تصريحات بعضهم أنها «مجرد نيران صديقة» لا تصيب أحدا أكثر مما تصيب هيبة الرئيس وخاصة التصريحات الخائبة للدكتور «سيف الدين عبدالفتاح» من أول تصريحاته العنترية عن معاهدة «كامب ديفيد» سيئة السمعة، وإرسال قوات من الجيش المصرى إلى سوريا، إلى تصريحاته عن إقالة النائب العام الذى كان يجب طرده «وليست إقالته» مع رئيسه الذليل المخلوع الذى كان قد أتى به، وتطهير القضاء والخلاص الناجز من قيادات الحزب الساقط المنحل، لكن مواءمات الإخوان المسلمين السياسية وألاعيبهم المفاوضاتية مع غير المأسوف عليه «عمر سليمان» و«العسكر» هى التى منعت التطهير الذى كان لابد منه، ليؤكد الإخوان المسلمون أنهم ركبوا قطار الثورة حتى يصلوا لتحقيق استيلائهم على السلطة فيؤيدوا من يساعدهم ويتخلوا عمن لا يساعدهم فركبوا قطار الثورة متأخرين يومين كاملين ونزلوا منه فى محطات محمد محمود ومجلس الوزراء وماسبيرو والعباسية وأدانوا الثورة والثوار وهتكوا عرض فتاة العباءة بالكباسين بتصريحاتهم فى مجلس الشعب، وأعلنوا انتهاء الثورة ووصول قطار الثورة إلى محطته النهائية بجلوسهم على المقاعد تحت قبة مجلس الشعب ورفعوا شعار «الشرعية للبرلمان وليست للميدان» وما أن شد المجلس العسكرى أذنهم حتى عادوا لركوب قطار الثورة ورفع شعار «الشرعية للميدان»، ومع ذلك اعتبرناهم رفاق الثورة وتجنبنا أخطاءهم أو معايرتهم، نعم لاشك أن الإخوان المسلمين كانت قوة من قوى الثورة لها أخطاؤها كما كان لبعض قوى الثورة أخطاؤها، ولاشك أن القوات المسلحة المصرية كانت قوة من قوى الثورة بمجرد موقفها السلبى والمحايد بين الضحية والجلاد، لكن -وآه من لكن- اختلفت السبل فى تقسيم جسد الثورة المنهك الذى قفز عليه الانتهازيون من جميع القوى ومختلف الاتجاهات، أما عن تصريحات ومواقف قادة حزب الحرية والعدالة فكلها أكاذيب ومراوغة لتبرير الاستحواذ على السلطة والتسلطن على رقبة الشعب المصرى، ومراجعة تصريحات «البلتاجى» و«العريان» و«صبحى صالح» وغيرهم كافية للحصول على براءة الاختراع الحصرى للكذب باسم الثورة، فإنكارهم مسؤولية الإخوان المسلمين أو حزب الحرية والعدالة عما حدث مؤخرا فى ميدان التحرير هو الكذب الصراح الذى أرادوا للأمة أن تشربه بالرغم من أنهم كانوا يرددون: «حرية وعدالة.. مرسى وراه رجالة»، حتى بهذا الشعار الغبى يعلنون انفصال الرئيس عن الشعب الذى انتخبه ليصبح رئيسا حصريا لجماعة الإخوان المسلمين وحزب الحرية والعدالة ولكن هناك شهادة شخصية عما رأيته وحدث لى فى هذا اليوم الأسود من تاريخ ثورتنا، حيث جاء رفاق الثورة الذين تم حشدهم فى الأتوبيسات مسلحين بالطوب والزلط وكسر الرخام والعصى ليضربوا رفاق الثورة الذين جاءوا لتقويم الرئيس تبعا لرغبته عندما قال «قومونى» لكن «الرجال الذين وراء الرئيس» مارسوا قمع «المقومين»، وأشهد الله على أن «الشخص» الذى قذفنى بطوبة فى بطنى وهو على بعد عشرة أمتار منى ليس من الإخوان المسلمين كما أنه ليس من حزب الحرية والعدالة، نعم.. أؤكد مرة أخرى على أن هذا «الشخص» ليس من الإخوان المسلمين كما أنه ليس من حزب الحرية والعدالة، وسوف أقول لك عزيزى القارئ سبب تأكدى الجازم بهذا، فقبل أن يقذفنى هذا الشخص بطوبة فى بطنى بدا عليه أنه اختارنى من دون خلق الله المتظاهرين، ففى البداية بدأ يشير لى بإصبعه وهو يسب أبى وأمى وبأنى رجل كهل لا أحترم شيبتى، ثم راح يشير لى بإصبعه الأوسط إشارات «أبيحة» فلم أمتلك نفسى من الغضب، وبصقت فى وجهه وطبعا بصقتى لم تصل إلى وجهه الكالح، فرفع ذراعه بسرعة وقذفنى بطوبة فأدركت أن طوبته أصابتنى فى بطنى من جراء الألم الشديد الذى هاجمنى فجأة وجذبنى شابان إلى الخلف ثم وضعانى على الرصيف المقابل لأحد المطاعم، وطبعا كان يمكن لهذا «الشخص» أن يضربنى بطوبته فى رأسى فيقتلنى لكنه ربما آثر تنفيذ الأوامر التى صدرت له بعدم القتل، وأنا أجزم بل أقسم بالله العظيم بأن هذا «الشخص» لا يمكن أن يكون من الإخوان المسلمين لأن هذه «الأباحة» لا يمكن أن تصدر منهم فأخلاقهم الشخصية لا تسمح لهم بذلك لكن أخلاق قياداتهم السياسية -وليست الشخصية- قد تسمح باستئجار أمثال هذا «الشخص البلطجى» لينوب عنهم فى قمع من يختلف معهم فى الرأى ليلعب قيادات الإخوان نفس دور «نخنوخ» وأشباهه، أما بعد: وددت أن أكون صادقا معك يا سيادة الرئيس فـ«الصدق أمانة والكذب خيانة».. كما قال أول خليفة للمسلمين واستشهدت أنت بما قال غير أنى أذكر سيادتك بأنك لم «تول» علينا بل نحن «انتخبناك» بمحض إرادتنا ونحن فى كامل قوانا العقلية.