مرت أسابيع وأسابيع منذ إثارتى لقضية تخريب ما تبقى من مدينة أون حتى اعترفت الآثار بالكارثة الحضارية التى تحدث فيها، وامتدت تلك الاعترافات لتؤكد ما سبق أن أكدت عليه من أن الكشف الأثرى المزعوم الذى ادعته الوزارة ما هو إلا مخلفات للحفائر غير الشرعية التى تمت هناك، حيث سبق أن أكدت أن الآثار لم تعثر على إحدى جوانب مائدة قرابين مصادفة وإنما كان هذا الجانب من مخلفات الحفائر غير الشرعية التى لم يقدر القائمون عليها قيمة هذا الأثر فألقوا به فى الشارع، ولما وجدته الوزارة ادعت أنها اكتشفته بالصدفة، وحينما أثرت تلك القضية والتفتت إليها وسائل الإعلام المحلية والعالمية أقرت الوزارة بأنها تحقق فى بلاغات أكدت أن لصوص الآثار اكتشفوا أثرا كبيرا فريدا وتشاجروا مع بعضهم البعض بسببه، ووصل الأمر إلى تبادل إطلاق النار وحينما حاولت الشرطة أن تتدخل لم تتمكن من ذلك، فهربت حينما اكتشفت أن تجار الآثار مسلحون، ثم دخل هؤلاء التجار فى مرحلة التفاوض على ما بالمنطقة من آثار ووقتها كتبت سلسلة مقالات صارخة ومستغيثة من أجل الحيلولة دون إتمام هذه السرقة، ولما لم يكلف أحد من المسؤولين خاطره، تم بالفعل تهريب الآثار، ثم جاء اعتراف الآثار ولجنتها كتحصيل حاصل.
لا تتخيل أنى أدعوك لليأس، أو أنى أعتبر أن المعركة القائمة على تلك الأرض قد انتهت بتهريب الآثار المكتشفة، ففى اعتقادى أنه ربما تكون تلك الواقعة بداية الالتفات لهذه الثروة الحضارية المهملة، فمن وجهة نظرى هذه الأرض مازالت زاخرة بالكنوز الأثرية الكثيرة برغم التخريب الواقع فيها، وهذا ما تدل عليه الاكتشافات المتكررة للحفائر الرسمية وغير الرسمية، وإنى لأدعو وزارة الآثار ووزارة الأوقاف إلى التضامن فيما بينهما لتحقيق الاستفادة القصوى من هذه الأرض الكبيرة، فالأساس الذى تستند وزارة الأوقاف عليه فى إثبات ملكيتها لهذه الأرض هى حجة وقف قديمة لصاحب الأرض ومعروف أن المقصود شرعيا ومجتمعيا من الوقف هو عمل الخير، ولا أجد خيرا من أن يعاد تخطيط هذه الأرض من جديد، لتكون منارة حضارية كبيرة، وتصبح مزارا سياحيا مرموقا، بإعادة الآثار المكتشفة منها والمكدسة فى المتاحف والمخازن إليها، لنقيم عليها متحفا مفتوحا، وذلك بعد الانتهاء من إجراء الحفائر الأثرية العلمية فى هذا المكان، لنقطع الطريق على لصوص الآثار والبلطجية، كما أقترح على وزارة الآثار بالاشتراك مع وزارة الثقافة أن تقيما مركزا لدراسة أديان العالم القديم، وترجمة المخطوطات المكتشفة، ليكون مركزا أكاديميا وثقافيا معتمدا، لنعيد إلى مدينة «أون» بهاءها الحضارى لتكمل رسالتها العلمية الكبيرة.
آمل أيضاً أن يعكف عدد من علماء الآثار وباحثيها على دراسة دور مدينة أون فى التاريخ وعمل سيناريو متحفى ولو تخيلى لما كان بهذه المنطقة من مصانع ومعابد ومقابر ومدارس، وأن يبرز هؤلاء العلماء ما يشير إلى تعلم نبى الله موسى فى هذه المدينة، وأن يلقوا الضوء على صوامع الغلال التى من المحتمل أن يكون نبى الله يوسف هو بانيها، وأن يتم بناء منشآت حديثة تحاكى المبانى القديمة، ليعرف زائرو هذه المدينة مقدار ما كانت تتمتع به من تحضر وتمدن، حينما كانت دول العالم القديم تعيش فى الظلام المميت.
أعتقد أنه بهذه الخطة من الممكن أن يتم رفع مستوى معيشة ما يقرب من مليونى مواطن يقطنون بأحياء المطرية وعين شمس وعرب الحصن، وأن هذا سيحقق غرض الواقف الذى تتحجج به وزارة الأوقاف فى ملكيتها للأرض، وهو عمل الخير، كما أنى أطالب السيد هشام قنديل رئيس الوزراء والسيد محمد مرسى رئيس الجمهورية بأن يتبنوا هذا المشروع، من أجل مصر لا من أجل السياسية.
اللهم فاشهد.