مصر أصبحت من أكثر الدول اقتراضا من الخارج خلال الشهور الثلاثة الأخيرة، حجم القروض والمنح المعلنة حتى الآن بعد قرض المليار دولار من تركيا بالأمس تزيد على 17 مليار دولار بما فيها قرض صندوق النقد الدولى فى حالة التوصل إلى اتفاق معه والموافقة على شروطه المعروفة.
فمن سيسدد هذه القرض ومن سيتحمل أعباءها فى المستقبل؟
ما يقوم به الرئيس محمد مرسى وحكومته باللجوء بشكل منتظم للقروض لن يتحمله ويسدد أعباءه سوى الأجيال القادمة، وبالتالى لن تحصل هذه الأجيال على حقوقها من موارد الدولة ومن عوائد التنمية – إذا افترضنا حدوث تنمية من الأساس.
الكارثة ليست فقط فى القروض الخارجية التى تضاف إلى ديون مصر للعالم الخارجى التى تبلغ حاليا 33،4 مليار دولار قبل احتساب إجمالى قروض الثلاثة شهور الأخيرة، وإنما أيضا فى الدين المحلى الذى تجاوز كل حدود الخطر فى الفترة الأخيرة وبلغ ما يقرب من 180 مليار جنيه، فى ظل العجز الرهيب فى الموازنة.
ما يقوم به الرئيس من ذهاب وإياب للدول لجلب قروض ومنح فى ظل اقتصاد منهار وأداء اقتصادى ضعيف وغير واضح لحكومة الدكتور هشام قنديل حتى الآن، إضافة إلى غموض وعدم شفافية فى طريقة توظيف واستخدام هذه القروض لا يصب بأى حال من الأحوال فى مصلحة الشعب والملايين من الفقراء التى انتظرت الأموال التى ستتدفق على مصر والخير الذى لا حد له وملايين الأفدنة الجاهزة للزراعة فورا، كما وعد الرئيس فى حملاته الانتخابية وبعد فوزه بالرئاسة.
القروض لن تخدم أى خطط تنمية، والهدف منها دعم احتياطى النقد الأجنبى، بما يؤدى إلى تعويم سعر العملة المحلة، وبالتالى تدنى سعر الجنيه وزيادة معدلات التضخم وارتفاع الأسعار.
سياسة الاقتراض الخارجى والداخلى للرئيس والحكومة هى ذاتها السياسة التى كان يقوم بها النظام السابق وأدت إلى زيادة الإفقار والانهيار، وكانت سببا فى الإطاحة به بعد تزايد معدل الفقر واتساع الفجوة فى توزيع الدخل، ولا يبدو واضحا أن الحكومة الحالية تنوى الخروج من جلباب حكومات النظام السابق، وتسير فى نفس الطريق وبذات السياسات، وهذا جرس إنذار مبكر للاستيقاظ مبكرا قبل فوات الأوان.