كمال حبيب

الخروج من جدل المادة الثانية

السبت، 20 أكتوبر 2012 02:05 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
يثور الجدل اليوم حول المادة الثانية من الدستور، وأنا مع من يقولون أن تبقى كما هى «الإسلام دين الدولة واللغة العربية لغتها الرسمية، ومبادئ الشريعة الإسلامية المصدر الرئيسى للتشريع»، على أن يقوم الأزهر بتفسير معنى المبادئ ضمن المادة التى تخصه بالدستور وهى المادة الرابعة التى تنتهى بـ«... ويؤخذ رأى هيئة كبار العلماء بالأزهر الشريف فى الشؤون المتعلقة بالشريعة الإسلامية»، بحيث يفسر كبار علماء الأزهر الشريف معنى «مبادئ الشريعة الإسلامية»، كما يؤخذ رأيهم فى الشؤون المتعلقة بها.

هناك إجماع من كل القوى السياسية حول المادة الثانية فى الدستور، وهو ما يعنى أن هناك توافقا استثنائيا حول أن هوية مصر هى عربية إسلامية، فالعروبة اللسان فمن تكلم العربية فهو عربى، والإسلام هو دين الغالبية العظمى من الشعب المصرى وهو يقر لغير المسلمين من ذوى الأديان السماوية أو أهل الكتاب أن تكون لهم شرائعهم الخاصة فى أحوالهم الشخصية واختيار قياداتهم الدينية، ولسنا بحاجة إلى الإشارة إلى أن الناس قبل الإسلام كانوا على دين ملوكهم فجاء الإسلام وأقر المبدأ الأهم لحرية العقيدة «لا إكراه فى الدين».

وقد تضمن الدستور مادة بهذا الخصوص هى المادة الثالثة لأول مرة، وذلك لتطمين غير المسلمين وإراحة نفوسهم وإشعارهم بأخذهم فى الاعتبار كجزء من المواطنين المصريين، ولا يزال غالبية المسلمين والتيارات الإسلامية قلقين من تأويل المادة الثانية فى الدستور بحيث تفرغ كلمة مبادئ من مضمونها، كما أشار لذلك فقهاء كثيرون ونشطاء ينتمون للتيارات الليبرالية والعلمانية بحيث تكون كلمة مبادئ هى «قطعى الدلالة وقطعى الثبوت»، ولقد قال بعضهم إن مبادئ تشير إلى خمس عشرة مادة لا تسود أكثر من صفحة واحدة مثل مبدأ «لا ضرار ولا ضرار» أو مبدأ «المشقة تجلب التيسير» أو مبدأ «إذا تعارضت المصلحة العامة والخاصة قدمت العامة» وهكذا.

وهنا ونحن أمام وضع دستور جديد بعد ثورة مجيدة تؤسس الأوضاع من جديد فمن حق الغالبية من المسلمين أن يطمئنوا إلى أن قانونا لن يقره البرلمان مخالفا لأحكام الشريعة الإسلامية ومبادئها معا، والحديث عن الأزهر يكون مختصا بالنظر فى الشأن المتصل بالشريعة حاصل فعلا فهناك المادة الرابعة فى مسودة الدستور تقول بذلك دون مخاوف يثيرها الليبراليون والعلمانيون حول سطوة هيئة دينية أو هيمنتها، لذلك فإننى أعتقد أن إضافة مهام تفسير المبادئ لهيئة كبار العلماء كما اقترحت فى صدر هذه المقالة سيكون مخرجا نزيها وجيدا لفتح مزيد من أبواب الشر والخلاف والاستقطاع على مجتمعنا فى وقت هو أحوج ما يكون فيه إلى ما يطلق عليه فى علم النفس وإدارة المجتمعات «التكاتف الإيجابى» وليس «التكاتف السلبى».

إن الدستور هو استجابة لحاجة المجتمع للحرية وللكرامة الإنسانية وللعدالة الاجتماعية، وهو استجابة أيضا لأشواق الأمة إلى العودة لهويتها بعدما حرمت منها سنوات عجاف طوال، وغالب المصريين يتوقون لتحكيم الشريعة الإسلامية فى حياتهم وواقعهم باعتبارها السبيل لتحقيق مطالب الثورة، وقد صوتوا لذلك فى الانتخابات البرلمانية السابقة وفى الانتخابات الرئاسية، ومن ثم فقواعد الديمقراطية والإنسانية ومطالب الاستقرار وحماية الأمة وعدم فتح الأبواب والنوافذ لتيارات العناد والخلافات توجب أن يوضع فى الدستور ما يطمئن الأغلبية ويشعرها هى الأخرى أن هويتها محط الاحترام والاعتبار وأن أحكام شريعتهم ستكون مرجعية تحول دون العدوان عليها أو إهدارها.. الدستور راعى فى كثير من مواده مطالب قطاعات متنوعة فى المجتمع مثل التيارات النسوية والمدنية والرياضية فحرى به أن يلبى أشواق الأمة إلى هويتها وشريعتها.








مشاركة

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة