أثبت الإخوان المسلمون من خلال انتخابات حزبهم التى أجريت يوم الجمعة الماضى، أنهم نموذج جديد فى الحياة الحزبية، وإضافة كبيرة للتجربة الديمقراطية المصرية، فقد تعودنا أن كل انتخابات حزبية تنتهى بمأساة ومهازل وانشقاقات، وصلت فى بعض الأحيان إلى الاشتباكات بالأسلحة النارية، وما حدث فى أحزاب الغد والتجمع والناصرى الذى خرج من رحمه عشرات الأحزاب بسبب الخلافات الحادة بين قياداته، والخلافات التى تغرق فيها الأحزاب الصغيرة ، خير دليل على ذلك، وفى المقابل خرج علينا حزب الحرية والعدالة بهذه التجربة الراقية.
فبالرغم من المنافسة الشرسة بين القيادتين الكبيرتين، د. سعد الكتاتنى، ود. عصام العريان، فإن الكل احترم نتيجة الصندوق، وأعلن الطرفان استعدادهما لمساعدة الآخر من أجل نهضة الحزب والوطن، ولعل المشهد الودى الذى جمع الاثنين بعد إعلان النتيجة أكد للجميع أن هذه النفوس تعالت على حب المناصب، واستهدفت إيجاد تجربة حزبية لتكون القدوة والمثل لباقى الأحزاب.
ومن الغريب أن بعض القوى السياسية قيّمت هذه الانتخابات تقييما يثير الدهشة، فبعضها وصفها بأنها تمثيلية لجذب الرأى العام لها، وأن الأمر محسوم بأمر المرشد، والبعض صنفها على أنها حلقة من حلقات الصراع بين جبهتين، زعم أن إحداها إصلاحية والأخرى محافظة، وفريق ثالث مازال ينتظر توابع هذه المعركة متوقعا أن يحدث انشقاق فى الحزب، وأنه سينقسم على نفسه.
وبالطبع أعذر كل هؤلاء لأنهم للأسف لم يتعودوا على ممارسة العمل الحزبى بهذه الشفافية، ولم يتعرضوا لمثل هذه الممارسات السياسية الراقية، فقد تعودوا على ألاعيب السياسة القذرة التى تجعل الغاية تبرر الوسيلة، والمنصب يبذل فى سبيل الوصول له أى تضحيات.
وما أتمناه فى المرحلة المقبلة بعد نجاح حزب الحرية والعدالة فى هذه التجربة المميزة أن يقوم بدوره فى إخراج مصر من حالة الصراع السياسى، وذلك من خلال إيجاد مساحات مشتركة مع باقى الأحزاب المصرية، وتعضيد القواسم المشتركة بين القوى الوطنية، وعليه أن يأخذ زمام المبادرة بفتح باب للحوار الوطنى الجاد، وتتعالى قياداته على الدخول فى معارك جانبية، تحاول بعض الفصائل السياسية جره إليها.
مشاركة
اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
مشاركة
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة