انتهت انتخابات حزب الحرية والعدالة لاختيار رئيسه الجديد، خلفا للدكتور محمد مرسى، من بين الدكتور سعد الكتاتنى، والدكتور عصام العريان. والنتائج جاءت متوافقة تماما مع التوقعات المسبقة بفوز الكتاتنى وباكتساح، حتى إن البعض رأى أن كثرة المرشحين المتنافسين على منصب الحزب الإخوانى ما هى إلا عبارة عن «مسرحية تنتمى إلى المسرح الهزلى والعبثى»، لأن النتيجة تم إعلانها قبل الانتخابات وإسدال الستار. فرئيس الحزب تم اختياره قبل الإعلان عن إجراء الانتخابات من مكتب الإرشاد، والمكتب التنفيذى للحزب الذى اتفق على اختيار الدكتور سعد مرشحا رسميا، وهو ما ظهر فى تصريحات اللحظات الأخيرة على لسان أحد أعضاء مكتب الإرشاد بجماعة الإخوان المسلمين، عضو المؤتمر العام الدكتور مصطفى الغنيمى.
إذًا انتخابات الحرية والعدالة كانت محسومة قبل أن يبدأ التصويت، والتعليمات والتوجيهات كانت واضحة ومحددة، والثقل السياسى والنفوذ الشخصى وموازين القوى داخل الجماعة والحزب صنعت الفارق، وكانت عوامل مرجحة تماما. فالدكتور الكتاتنى أحد رموز التيار المحافظ، أو تيار الصقور داخل الجماعة والحزب الذى يقوده المهندس خيرت الشاطر الذى مازال مسيطرا ومهيمنا على مقاليد ومفاصل العمل السياسى، فهو الرجل القوى الآن، أو بتعبير أدق «الأب الروحى» الممسك بكل الخيوط، والمحرك لكل تفاصيل المشهد فى الجماعة والحزب.
نتيجة الانتخابات تعنى أن الصقور هم الأقوى، وأصحاب الكلمة العليا، وأن الإصلاحيين أو الحمائم داخل الجماعة والحزب – إذا جاز لنا التعبير - مازال أمامهم عمل كثير ومجهود كبير لتطوير آليات العمل السياسى والديمقراطى داخل الحرية والعدالة، واستعادة أهليته الكاملة كحزب سياسى فى مصر، وليس كذراع سياسية لجماعة مع باقى الأذرع والأرجل التى لا نعرف ماهيتها داخل الإخوان. لذلك لا نستطيع أن نعتبر انتخابات رئاسة الحرية والعدالة انتخابات بالمواصفات الديمقراطية لعدة أسباب، أولا كانت محسومة قبل أن تبدأ، ثانيا لو أن الفيصل الخبرة السياسية والتاريخ النضالى لفاز مرشح التيار الإصلاحى الدكتور العريان وباستحقاق وباكتساح رغم تحفظاتنا الكثيرة على أدائه وتصريحاته السياسية فى الفترة الأخيرة، لأن الدكتور الكتاتنى لم يعرفه أحد قبل انتخابات مجلس الشعب 2005، السبب الثالث أنها انتخابات جرت داخل «ذراع سياسية» وليس داخل حزب له صلاحياته واستقلاله.
فهل كان الدكتور العريان وهو ينافس يدرك كل ما سبق جيدا، وأن محاولة التقرب من التيار المحافظ على حساب الهجوم على اليسار لم تؤت ثمارها، وأن طموحه السياسى مرهون بالرضا السامى من «الأب الروحى»؟ أم برغبته شارك فى استكمال فصول المسرحية؟.