ماذا تفعل لو خاطبك أحد المرشحين فى الانتخابات البرلمانية المقبلة والذى يهدف إلى الحصول على صوتك قائلاً: أنا أتحدث بمنهج الوحى الإلهى وغيرى ينطق عن الهوى؟
هل تصدقه وتسرع بالتصويت له على اعتبار أنه مقرب إلى الله ومن أحبائه وأصفيائه، أم تعطيه صوتك لأنك تخشى غضب الله ورسوله، أم تمعن التفكير قليلاً لتكتشف أن النبى صلى الله عليه وسلم كان آخر المتحدثين بالوحى والناطقين عنه وبه، وأن كلنا من بعد النبى يؤخذ منه ويرد عليه بحسب التزامه بالقانون والعرف والضوابط المرعية فى المجتمع وبحسب قدرته على خدمة الناس؟
يبدو والله أعلم أن قيادات حزب النور السلفى وفى مقدمتهم ياسر برهامى يتجهون لإدارة معركتهم الانتخابية مبكراً من خلال تقسيم المجتمع المصرى بناخبيه ونشطائه وسياسييه إلى فسطاطين، بتعبير بن لادن، فسطاط أهل الإيمان وفسطاط أهل الكفر، التابعين لمنهج الوحى أى الذين يتبعون مشايخ السلفية وآراءهم، ومن يتبعون الهوى، يعنى أياً من التيارات السياسية الأخرى حتى لو كانوا لا يهدفون إلا للصالح العام وخدمة الناس وإرساء دولة القانون الحديثة.
نائب رئيس الدعوة السلفية أوجز ما يجرى من خلافات سياسية وأزمات فى مصر حالياً بأنه صراع بين منهجين فى الحياة أحدهما «منهج الوحى» والآخر «منهج الهوى»، معتبراً أن المطالبة بحقوق الإنسان تقليد لمنهج الحضارة الغربية المستعلية، وإغفال لمنهج الوحى، بينما الواقع والعصر الذى نعيشه يقوم أساسا على استيفاء الحقوق الأساسية للمواطنين كاملة غير منقوصة وبقدر استيفاء هذه الحقوق تتحقق دولة الرفاهية، كما أن إغفالها يؤدى بالضرورة إلى سقوط الدولة تماماً كما فى حالة أفغانستان والصومال.
لم يذكر الشيخ برهامى ــ وهو غير المعصوم ــ كيف يتحدث بصفته الأمين على منهج الوحى، كما لم يذكر أن اجتهاده فى الحديث بالمنهج القرآنى هو محض تفسير بشرى يمكن رده أو الأخذ منه بحساب أو نسخه، وفضلاً عن ذلك لم يشر إلى أن السياسة هى فن الممكن، والوسيلة إلى الارتقاء بالمجتمع بواسطة مناهج بالضرورة وضعية، الأمر الذى يقلقنا من انقسامات جديدة بالمجتمع يرتكبها الشيخ برهامى ورفاقه، لا لشىء إلا للفوز بمقاعد زائلة فى البرلمان المقبل.
مشاركة
اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
مشاركة
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة