كيف يمكن الفصل الدقيق بين السلطات والأهم بين المصالح المتعارضة والمتضاربة والمتداخلة. لقد كان الحزب الوطنى وحكوماته ونظامه مشغولين بالدفاع عن تداخل المصالح، والتفرقة بين الاحتكار والاستحواذ، وكان نموذج رجل الأعمال أحمد عز الأكثر وضوحا فى الأعوام الأخيرة لنظام مبارك. فقد كان عز يشغل موقع أمانة تنظيم الحزب الوطنى، ورئاسة لجنة الخطة والمواطنة فى مجلس الشعب، وفى الوقت نفسه يمتلك ويترأس إمبراطورية صناعية للحديد. وعندما اتهمه البعض بالاحتكار. خرجت الأجهزة المعنية ببحث المنافسة والاحتكار لتقول إنه يستحوذ ولا يحتكر، وكان من الصعب على العقول العادية أن تعرف الفرق بين الاستحواذ والسيطرة والاحتكار. كان تقرير جهاز المنافسة يستند إلى قانون فصله مجلس الشعب، وحدد فيه الاحتكار بنسبة 100%، وهى نسبة ليست موجودة فى أى دولة من دول العالم الأول أو الثانى أو الثالث بعد الأرضى، كما قلنا وقتها، كان القانون نفسه ملعوبا فيه ورفض مجلس الشعب وقتها بأغلبيته الحزبوطنية، تحديد الاحتكار بأربعين فى المائة، لأن عز كان رئيسا للجنة الخطة والموازنة، وله سلطات تشريعية تجعله قادرا على خلط السلطات ومنع القوانين.
وما الذى يذكرنا بعز؟. لأن القوانين لا تزال قائمة، وفى حالة وجود أى نوع من الاحتكار لن يكون فى إمكان الدولة أو القانون منعها، وهذا مجرد مثال على إمكانية عودة الاحتكار والخلط بين السلطات، بأسماء وصور جديدة، وفى الأجواء الآن شواهد على حالات تشبه ما كان قائما، حتى لو لم تكن بنفس الوضوح، لكن لا ننسى أن الاحتكار بالنسبة لعز وغيره، بدأت بسيطة وتصاعدت حتى تضخمت وأصبحت ظاهرة. نحن أمام حالات تختلط فيها السلطات والمواقع، قيادات حزبية لها علاقات وتدخلات تنفيذية، ومواقع تشريعية ترتبط بعلاقات مال وسياسة مع نقاط مالية. وطالما القوانين مستمرة فالتكرار وارد بنفس السوابق. والطرق التى كانت محل رفض، وسببا من أسباب الغليان.
ربما ونحن نتحدث عن منع الاحتكار الاقتصادى والمالى، أن نبحث عن كيفية مواجهة الاحتكار السياسى الذى لاتخطئه العين، وأن يكتفى السياسى بالسياسة ورجال الأعمال بالبيزنيس، بالإضافة إلى ضرورة السعى لوضع قوانين تضمن الفصل بين السلطات ومنع الممارسات السياسية الاحتكارية، حتى لا يتكرر خلط السلطات فى خلاط المصالح، لقد كانت السياسة مثل الأسمنت والحديد والألبان ضمن السلع المحتكرة والمغلقة على عدد محدود من المستفيدين، وندخل فى محاولات للتفرقة بين الاحتكار والسيطرة والاستحواذ لنكرر ما كان بأسماء جديدة. الاحتكار الاقتصادى يبدأ وينتهى من الاحتكار السياسى، الذى نلمح بوادره وعلاماته، وما لم ينته الخلط بين المصالح والسلطات سوف نبقى فى دائرة مغلقة، يتغير من يدورون فيها، من دون أن تتغير قوانينها.
مشاركة
اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
مشاركة
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة