المبادرات الأمريكية الدائمة لحماية إسرائيل -المعلنة وغير المعلنة- سواء كانت من الرئيس الأمريكى أو الإدارة الأمريكية أو مؤسسات وهيئات المجتمع المدنى الأمريكى لا تتوقف فى أى وقت لكنها ازدادت قبيل الانتخابات الأمريكية بين «أوباما» و«رومنى»، ولكن ذلك كله لم يرق للصهيونى الكريه «نتنياهو» حتى إنه لم يتقدم بخطوة واحدة ليقابل خطوات الرئيس الأمريكى التى خطاها تجاه حماية إسرائيل على أرضية القضية الفلسطينية، وبالرغم من ذلك فإن الدعم العسكرى الأمريكى لإسرائيل يتعاظم، فقد طلب الرئيس الأمريكى من «الكونجرس» الإسراع فى تمويل تطوير مشروع «القبة الحديدية Iron Dome» الذى هو عبارة عن نظام مضاد للصواريخ التى يمكن أن تتعرض لها إسرائيل، وقد تأتيها من لبنان أو سورية أو قطاع غزة وهو نظام للدفاع الجوى المتحرك الذى تم تطويره بواسطة شركة «رافائيل لأنظمة الدفاع المتقدمة Rafael Advanced Defense Systems» التى كان سمو أمير الدولة العظمى «قطر» قد زارها مع صديقته العظيمة «تسيبى ليفنى» العميلة السرية فى فرقة «بايونت»، وهى وحدة التصفية الخاصة التابعة للموساد الإسرائيلى، و«ليفنى» هى وزيرة خارجية إسرائيل السابقة وزعيمة حزب كاديما الصهيونى، التى أصبحت وزيرة للخارجية فى عهد رئيس الوزراء الصهيونى «آرئيل شارون» عام 2005 والتى كانت قد دعمت خطة «شارون» للانسحاب من غزة وطلبت من صديقها حاكم الدولة العظمى قطر دعم حكومة غزة لإفشال المصالحة بين «فتح» و«حماس» لهدم فكرة الدولة الفلسطينية، والتى يمكن على ضوئها تفسير زيارة حاكم قطر العظمى لغزة مؤخرا، ما علينا، دعونا نعود للقبة الحديدية والتى قرر الرئيس الأمريكى دعم تطويرها، حيث إن الهدف من القبة الحديدية هو اعتراض الصواريخ قصيرة المدى والقذائف المدفعية، حيث تبلغ كلفة تطوير النظام 210 ملايين دولار بالتعاون مع جيش الدفاع الإسرائيلى، فبعد حرب يوليو 2006 اكتشفت إسرائيل أنه قد أطلق عليها ما يزيد على 4000 صاروخ كاتيوشا قصير المدى، كانت قد سقطت فى شمال إسرائيل، وأدت إلى مقتل 44 مدنيا إسرائيليا وأدى التخوف من هذه الصواريخ إلى لجوء حوالى مليون إسرائيلى إلى الملاجئ، كذلك أكد هذا الأمر استمرار حركة «حماس» وبعض الفصائل الفلسطينية بإطلاق الصواريخ، حيث أطلق ما يزيد على 8000 صاروخ كان آخرها إطلاق صواريخ من عيار 122 ملم، فإذا كانت هذه «القبة الإسرائيلية» فماذا عن «القبة العربية»؟!
العرب وصهاينة إسرائيل يشتركون فى الإيمان بالمفعول المؤكد للأضرحة التى تعلوها القباب «جمع قبة» فى إنقاذهم من الأعداء والكوارث والأمراض الخبيثة التى تلم بهم، غير أن أضرحة أولياء الله عند العرب فى كل بلاد العرب -التى تعلوها القباب- تختلف عن أضرحة أولياء الشيطان عند الصهاينة فى أمريكا، فإذا ألم بالصهاينة شبح كارثة قد تأتيهم من الطرف الفلسطينى، فإن رئيس وزرائهم يشد الرحال إلى واشنطن حيث الأضرحة بالقباب فوقها: الكونغرس، البيت الأبيض، ومجلس الشيوخ Senate ومكاتب الإدارة الأمريكية ودهاليز الأيباك «لجنة الشؤون العامة الأمريكية الإسرائيلية» وهى أقوى المؤسسات المدنية فى الضغط على أعضاء الكونجرس الأمريكى، وهدفها الأساسى تحقيق الدعم الأمريكى للكيان الصهيونى الذى يغتصب أرض فلسطين، ولا تقتصر الأيباك على اليهود بل يوجد بها أعضاء من الحزبين الرئيسيين فى أمريكا وهما الديمقراطى والجمهورى، وقد تم تأسيس «الأيباك» فى عهد إدارة الرئيس الأمريكى «أيزنهاور» حيث تعتبر منظمة صهيونية كما يدل على ذلك الاسم السابق لها، والذى تأسست باسمه وهو «اللجنة الصهيونية الأمريكية للشؤون العامة American Zionist Commiee for Public Aairs» وهو مبنى تعلوه «قبة زجاجية» ملونة، وبنظرة عابرة فسوف نرى أن أبرز اتجاهات سياسيى الحزبين الرئيسيين الأمريكيين تتمحور حول التبشير بـ«إسرائيل» ودعمها نظرياً وعملياً على اعتبار أن دعم إسرائيل وتأييدها ليس قضية «أخلاقية» أو «إنسانية» أو أمراً متروكا لـ«الاختيار»، أو أنه حتى يعود إلى اعتبارات سياسية أو عسكرية، بل إنه «قضاء إلهى»، وأن وجود مدينة «القدس» تحت السيطرة اليهودية هو محور عودة المسيح الثانية، فإن الالتزام بتدعيم أمن إسرائيل وتقويتها عسكرياً واقتصادياً، وإقامة تحالف إستراتيجى شامل معها، ومساعدتها بالتبرعات وشراء وتسويق منتجاتها وسنداتها، وإنشاء صناديق الاستثمار الدولية لمصلحتها، وتشجيع الاستثمار الأمريكى الخاص داخلها، واستصلاح الأراضى، وبناء المستوطنات فيها وفى الضفة الغربية وغزة والجولان، وتوفير فرص التدريب للإسرائيليين داخل مؤسسات ثقافية أمريكية، ما هو إلا التزام أصولى مبنى على الاعتبارات الروحية والتاريخية والأمنية، باعتبار أن كل أراضى الضفة الغربية وغزة والجولان ملك للشعب اليهودى، ولعل هذه الخلفية الدينية تمثل محورا وجوهر السياسة الأمريكية التى وقفت دوماً إلى جانب الكيان الصهيونى، وتفسر ما عجزت عن تفسيره القيادات الأساسية فى فكر وسلوك كم هائل من المؤسسات والقيادات وجماعات الضغط الأصولية فى الولايات المتحدة، حيث استمرت القيادات العربية المتخاذلة فى رهاناتها على التوجهات الأمريكية فسلمت كل أوراقها للولايات المتحدة ودفعت شعوبها إلى أضرحة الأولياء بالقباب فوقها يطلبون منها الشفاعة فى النصر النهائى على إسرائيل، مع أن هذه الشعوب قدمت المئات من أبنائها الأبرار شهداء لتحرير فلسطين، لكن أنظمة الحكم الفاسدة أضاعت كل هذه التضحيات لشعوبها ودفعتها باتجاه أضرحة الأولياء طلبا للخلاص من إسرائيل ومن هذه الأنظمة الفاسدة نفسها، فبعد نكسة 67 ازدادت زيارات أضرحة الأولياء طلبا للحصول على شفاعة المدفون تحت القبة فى الضريح للخلاص من عار الهزيمة والاحتلال الإسرائيلى، وانتشرت المقولة الفلكلورية «تحت القبة شيخ» ورفضها البعض بمقولة «موش كل اللى تحت القبة شيخ» التى صارت مثلا شعبيا يعلن رفضها للتبرك وطلب النصر على إسرائيل من كل الذين يسكنون هذه المدافن تحت القباب، وإذا كان العرب يصدقون أنه ليس من الضرورى أن يكون تحت القبة شيخ، فإنهم متأكدون من أن «القبة الحديدية» الإسرائيلية المدعومة بأموال أمريكية تحتها صاروخ.
مشاركة
اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
مشاركة
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة