يعلم الله أننى لم أحب يوما أن أتناول الجيش المصرى بالنقد أو التعنيف، وذلك لأننى أعتبر أن شرف العسكرية المصرية هو شرف كل مصرى، شاء من شاء وأبى من أبى، لكن ما ارتكبه المجلس العسكرى الغابر من جرائم دامية هو ما جعلنى أنتقد هذا الكيان مرارا، أملا فى إصلاحه أو على الأقل إيقاظه، فقد كنت واحدا من الذين هتفوا فرحين «الجيش والشعب إيد واحدة» أمام المتحف المصرى فى أول ظهور للدبابات المصرية عند مدخل ميدان التحرير من عبدالمنعم رياض، حينما كنا نظن أن المؤسسة العسكرية بقوانينها الصارمة بعيدة عن الفساد الذى ضرب عصر مبارك، وكنا نرى أن الجيش هو فعلا «حامى الحمى» وظهر الشعب إذا ما أراد الحياة، ولذلك هتفنا ذلك الهتاف الرائع المنسى «الشرطة بتضرب فينا.. عايزين الجيش يحمينا» لكنى أيضا كنت من أوائل الذين هتفوا «يسقط يسقط حكم العسكر» حينما تلوثت يد المجلس العسكرى بدماء الأبرياء، وأصبح واضحا للجميع أن للثورة المضادة عنوانا معلوما هو مركز قيادة المجلس العسكرى التى تحالفت فى غفلة من الزمن مع مكتب الإرشاد فوقعنا من نقرة إلى دحديرة.
وقد كنت دائما أفرق بين كيان الجيش المصرى بما يضمه من إخوة وأصدقاء أعزاء، والمجلس العسكرى بما يضمه من أبناء مبارك وخلصائه، ولهذا عاهدت نفسى على عدم الخوض فى أمور الجيش المصرى بعد أن اعتزل طنطاوى الحياة السياسية، وتمنيت أن تسهم أصداء هتافات الثورة التى طالبت بإصلاح مؤسسة الجيش وتطهيرها فى إحداث صحوة أتمنى أن تأتى بثمارها فى أقرب وقت.
بعد هذه المقدمة أعترف لك بأننى أحب مؤسستنا العسكرية، وأفتخر بها، دون النظر إلى من يتولى أمرها، وإيمانى بها هو جزء أصيل من إيمانى بمصر ودورها ومكانتها، ولهذا غضبت حينما قرأت بيانا منشورا على إحدى صفحات الفيس بوك يدعى أن الصوت الذى أفزع سكان القاهرة لم يكن من جراء اختراق طائرة عسكرية مصرية لحاجز الصوت، وإنما كان نتيجة لاختراق سرب طائرات إسرائيلية للأجواء المصرية، وتمنيت من كل قلبى أن ترد القوات المسلحة المصرية على هذه الادعاءات قبل أن تنتشر وتتفاقم، وهو ما حدث بالفعل على لسان العقيد أركان حرب أحمد محمد على المتحدث العسكرى الرسمى للقوات المسلحة الذى قال إن هذا البيان كاذب وإن نوع الطائرات التى زعم البيان أنها اخترقت الأجواء المصرية لم يدخل إلى الخدمة فى أمريكا «بلد المنشأ» وأن القوات المسلحة اختارت أن تجرى تجريباتها فى فترة السكون التدريبى فى أحد أيام العيد لاختبار قدرات الدفاع الجوى المصرى فى فترة السكون، وهو ما يعتبر بالنسبة لى ردا منطقيا على ما أثير، وهو الأمر الذى يستوجب التحية لقيادة القوات المسلحة التى انتهجت نهجا جديدا يتميز بالشفافية فى التعامل مع الشعب، فشكرا لقيادة القوات المسلحة على هذا النهج الحضارى الجديد، وأرجو أن تستمر القيادة فى هذا الطريق وأن تنبذ حالة الاستعلاء التى كانت سائدة أيام مبارك ومن معه، لأن الجيش أولا وأخيرا جيش الشعب.
واستغلالا منى لحالة الشفافية هذه أطالب قواتنا المسلحة بأن ترد على ما نشرته صحيفة الصنداى تايمز البريطانية وما أوردته من تصريحات للقيادات الإسرائيلية معلقة على ضرب مصنع اليرموك فى السودان، إذ قالت الصحيفة إن الطائرات الإسرائيلية خدعت قوات الدفاع الجوى المصرى ومشت بمحاذاة البحر الأحمر والعقبة، وهو الأمر الذى من شأنه أن ينال من أمننا القومى إن كان صحيحا، لذا أرجو أن تتعامل قواتنا المسلحة مع هذا التصريح بذات الشفافية التى تعامل بها مع بيان الفيس بوك.
مشاركة
اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
مشاركة
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة